الأحد، 9 أكتوبر 2011

إنشاء مكلّف لوزارة جديـدة وإهمـال متعمـد لمؤسسـة عريقـة





لقــد أعلن المجلس الوطني الانتقالي عن طريق رئيسة السيد المستشار مصطفي عبد الجليل على إنشـاء وزارة للشهداء والجرحى ولم يوضح من خلال هذا الإعلان عن الشكل القانوني لهذه الوزارة أو طبيعة إدارتها أو عملها أو كيفية دعمها المالي أو طرق اتخاذها للقرارات الخاصة بهم.

ونحـن ندرك جيدا بأنه في حالة إنشاء أي مؤسسة جديدة يتطلب الكثير من الإمكانيات سواء على الصعيد البشري أو المادي فما بالك موضوع الشهداء والأسر والجرحى والمفقودين,الذي يحتاج إلي تبني خطوات سريعة نظرا" لمعانات ولألام التي يلقونها سواء من حيث إهمال في اسر الشهداء أو تردي الحالة الصحية لأبطالنا الجرحى وعدم حسم الوضع القانوني للمفقودين فليس من العقل والمنطق أن تستمر حياتهم إلي مالا نهايـة وبالتالـي فان إنشـاء هـذه الوزارة في الوقت الحالي ينطبق عليهـا المثـل العربـي الذي يقـول ( اسمـع جعجعـة ولا أري طحينــا ).


وعليـه فأن قرار تأسيس وزارة خاصة بأسر الشهداء والجرحى والمفقودين في الوقت الحالي هو قرار غير مجدي باعتبار الأمر يحتاج لحلول سريعة وعاجلة على مستوي ليبيا وهذا لا يتوفر حاليا في أي مؤسسة قائمة تملك قاعدة بيانات متكاملة وقوانين تحكمها إلا مؤسسات معينة وهما الضمـان الاجتماعي والمعروف حاليا ( بصنـدوق التقاعـد ) أو(صندوق التضامن الاجتماعـي) وهذه المؤسسات عريقة في الرعاية الاجتماعية والتأهيل الصحي والاجتماعي والنفسي وهي تملك مكاتب من الحدود الشرقية إلي الحدود الغربية بالإضافة للمناطق الجنوبية .


الأسـاس القانونـي للضمان الاجتماعي أو صندوق التضامن الاجتماعي لرعاية أسر الشهداء والجرحى والمفقوديـن :- 

1 ) - أن مسئولية الدولة في رعايتها لهذه الفئات هو أمر منصوص عليه سواء بالمواثيق الدولية أو القوانين العادية وتعتبر هذه المؤسسات هي المظلة الاجتماعية المكلفة قانونا برعاية جميع الليبيين ويستوجب أن يكون منهم اسر الشهداء والجرحى والمفقودين ومن خلال هذا المؤسسات نضمن لهذه الفئات مصدر عيش لائق والسعي لخلق فيهم روح الطمأنينة والسكينة التي نعتبرها حقا من حقوقهم المكتسبة شرعا وقانونا.

فالدعـم المادي الذي يرغب المجلس الوطني الانتقالي تقديمه لوزارة اسر الشهداء والجرحى فمن باب أولى أن يقوم بدعم هذه المؤسسات وتسند إليها مهمة الرعاية الاجتماعية والاقتصادية على أن تنشأ إدارات لتلك الشرائح من قبل خبراء مختصين يعملون وفقا للهيكل التنظيمي لتلك الإدارات وتعتبر هذه المؤسسات هي الاختيار المناسب في الوقت الحالي وذلك نتيجة ملكية هذه المؤسسات لمكاتب موزعة على مستوى ربوع ليبيـا كما توجد الخبرة الكاملة لدى الموظفين للتعامل مع هذه الفئات التي يجب أن تحضا بكل اهتمام من قبل جميـع المؤسسات والهيئات وتقديم إليهم كافة المزايا بالإضافة إلـي أن ثوارنـا البواسـل سواء مـن ( الشهـداء أو الجرحـى أو المفقوديـن) قد قادوا النضال بجميع مناطق ومدن ليبيا ويجب منحهم كافة المزايا وإعداد التشريعات الخاصة بهم التي تليق بحجم التضحيات التي سطروا بها تاريخ ليبيـا ويجب على كامل أفراد الشعب الليبي مؤازرة المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي في النهوض بهذه الشرائح لما لها من حقوق فهم تاج على رؤوس كل الليبيين .

2 ) - يتـم إعداد موازنة تشمل جميع النفقات المتوقعة لأسر الشهداء والجرحى والمفقودين وهذا ما أعلن عنه السيد الدكتور محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في احد تصريحاته بتخصيص مبلغ للشهداء والجرحى بقيمة أربعمائة مليون دينار ولم يتطرق للمفقودين وعليه نرى أن يتم التنسيق مع الضمان الاجتماعي أو صندوق التضامن الاجتماعي  للإشراف على صرف هذه الأموال لمستحقيها بالإضافة إلي ضرورة إحكام الرقابة على هذه الأموال بظل مؤسسة يوجد لديها قوانين تحكمها بالوقت الحالي وإصدار قرارات توجيهية من قبل المجلس الوطني الانتقالي وملزمة لهذه المؤسسات تشمل طرق وتنفيذ السياسة العامة التي يجب اتخاذها من اجل العناية بأسر الشهداء والجرحى والمفقودين .


وتأسيسـا على ما تقدم ,يجب على المجلس الوطني الانتقالي رسم سياسات خاصة وواضحة لمعالجة أوضاعهم سواء من الناحية القانونية أو الاجتماعية أو الاقتصادية يقتضي الأمر معالجتها وفقا لأنسب الطرق وعليه نخلــص إلي ما يلـــي :
1- يجب أن يكون من أولويات المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي الاهتمام بأسر الشهداء والجرحى والمفقودين والعمل على تحسين مستوى معيشتهم ولا يجعل حياتهم عبارة عن أماني وأحلام وذلك بتشكيل وزارة خاصة بهم دون جدوى وهم يطلبون في هذه المرحلة إجراءات عملية وسريعة لمعالجة أوضاعهم ,حيـث أن ما مرت به ليبيـا بظل ثورة 17 فبرايـر من حرب قاسيـة وما خلفتـه من الألم يستوجب الأمر العمل على وضـع حلول سريعـة والوقوف على حل مشاكلهم بما يكفل لهم حياه كريمـة.
2- ضرورة احترام هذا الشعب, الذي بذل وأعطى الكثير من أبنائه فمنهم من نال الشهادة ومنهم من فقد جزأ من جسده, ومنهم من فقد مفقودا", ولا نعلم حياته من مماته و أصبحنا كل يوم نتفاجأ بمقابر جماعيـة,لا نعلم رفـاه مـن تضم حيث بلغت الإحصائيات وفقا لتصريحات المجلس الانتقالي والمكتب التنفيـذي كما يلي : -
- عدد الشهداء :100,000 .         -عدد الجرحى :45,000  .        -عدد المفقودين:25000  .

وبالنظــر إلي هذه الإحصائيات نجدها مؤلمة ومخيفه ونستغرب عدم وضع حلول سريعة وواضحة من قبل المجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي,وهذا يدل على الضعف في وجود إدارة حقيقية مكلفة بمتابعة ألامهم ومعاناتهم .

3 ) –  يجب تنبيه المجلس الوطني الانتقالي الرجوع للاتفاقيات الدولية المبرمة مع بعض الدول التي يوجد بها بعض البرامج الخاصة برعاية وعناية الليبيين ومنها على وجه الخصوص معاهدة الصداقة والشراكة المبرمة بين ليبيا وايطاليا والمصدق عليها بموجب القانون رقم ( 2 ) لسنه 2009 حيث صـدر بها قرار رقـم ( 205 ) لسنه 2009 بناء على بنود تلك المعاهدة تقرر إنشاء صندوق للضمان الاجتماعي حيث جاءت المادة الثالثة منه باختصاصات هذا الصندوق وهو علاج الليبيين ,مع العلم بان موارد هذا الصندوق الاجتماعي هي مساهمات التي تم دفعها من الشركة الايطالية الليبية وكذلك أرصدة وأصول الشركة الليبية الايطالية المنحلـة ( AL1  ) .

وعليــه يجب على المجلس الوطني الانتقالي الانتباه لهذه الاتفاقيات والعمل على تفعيلها بالصورة المناسبة والعمل على القيام بإنشاء مركز علمي متخصص من كافة التخصصات الطبية التي لها علاقة بهذا الأمر .

فجـزء كبير من ثوارنا البواسل سوف يكونون ذو إعاقة مستديمة وهم فئة الجرحى وبالتالي يجب وضع خطة تنموية تكفل لهم حياة كريمة لكل من فقد جزءا من أطرافه تليق بمستوي التضحيات التي قدّمت ولو تطلب ذلك في الفترة الحالية التعاقد مع مستشفيات خارجية متخصصة للعناية بهذه الشريحة منهم والعمل على دراسة جميع القوانين والتشريعات النافذة داخل ليبيا بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي تنظم حياة هؤلاء الفئات من المجتمع ووضع رؤية واضحة تكون أكثر واقعية .

وختامـا فأنني انصح بتوخي الدقة في اختيار أي مسئول يتولي أي وظيفة داخليا" أو خارجيا" لان هذا الشعب لا يستحق إلا الاحترام والتقدير على ما قدمه من تضحيات وأن يكون حريصا في أداء مهامه بالشعور بآلام هذا الشعب ومعاناته بالإضافة لذلك يكون قد عاش وامن بهذه اللحظة التاريخية لثورة 17 فبراير بصورة واقعية وحقيقة وليس بمجرد الشعور بها أو الانضمام إليها.

ملاحظـة:تم وضع تصور خاص بالمفقودين تحت عنوان ( المفقودين بين قدسية الشرع وحرمة القانون على نفس الموقع الاكتروني ).
وفقكــم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وقـال الله تعالي في كتابة العزيـز :
                 بسم الله الرحمن الرحيم
وقـل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
                     صدق الله العظيم


                                                           إبراهيم حسن ونيس العوامي
                                                          باحث قانوني بالشؤون المصرفية 

                                                                                            تـاريخ :9/10/2011


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق