الجمعة، 24 يونيو 2011

محمد عمر الشيباني : صراع الموت، والحياة أَمْ صراع الـ أنا، والـ نحن؟

يرى الأستاذ أحمد الفقيه، كما عبَّر عن ذلك في مقاله الأخير، صراع الموت والحياة، أنَّ الصراع الذي تشهده ليبيا هو صراع بين مناشير( جمع منشار) موت فولاذية، يقذف بها القذافي في كل اتجاه، وعلى غير هدى، وبين براعم الحياة الوليدة الطرية الغضة، كما تبدو في الرياض والجنان الليبية العذراء. أو صراع الموت والحياة. أجل. هكذا يبدو الصراع الليبي في شكله الأخير، ومنتجه النهائي.

غير أنَّ المحرك الرئيسي الخفي لتروس مناشير الموت القذافية الجهنمية هذه، هو تلك الشريحة الشيطانية التي زرعها إبليس في الجينات الأزلية للكائن المدعو معمر القذافي، والتي تم تنشيطها وتفعيلها، عندما قدر الله لمعمر القذافي أن يكون حيا، وحاكما لنا نحن الليبيين عاثري الحظ.تعود براءة اختراع هذه الشريحة إلى إبليس ومدرسته الشيطانية الشهيرة العتيقة التي دأبت عبر العصور على تخريج أفواج من البشر، تم مسخهم وتحويلهم إلى كائنات شيطانية، وذلك بسبب حملهم تلك العلامة الإبليسية، والمعروفة بالاسم الشهير " أنا ".واجهت علامة هذه الشريحة الشيطانية، وعلى مدى الدهور، علامة معاكسة ومنافسة لها، والتي نجدها، وبوضوح، منقوشة على كل الشرائح الجبلِّيِّة غير الشيطانية لكل كائن حي؛ إنسانا كان أم حيوانا، وحتى نباتا، وهي العلامة الشهيرة " نحن ". تلك العلامة التي لا تقوم الحياة في كل صورها وأشكالها، وهي خلوٌ مما تنبض به هذه العلامة من حياة، وما تفرزه من إنزيمات مباركة، وما تبثه من إيحاءات نفسية إيجابية، تشكل في مجملها لبنات الحياة وبراعمها. وصَفَ أحد الكتاب العرب، ممن اقتربوا من معمر القذافي وعرفوا بواطنه، بأنه يملك رصيدا من الطموح، لو قدَّر الله أن يجعله في حاكم عربي آخر غير معمر القذافي لكان حال ليبيا والعرب أفضل بكثير مما هو عليه الآن. ثم خلص هذا الكاتب إلى نتيجة مفادها؛ أن طموح القذافي، زاد عن حده، فانقلب إلى ضده. نتج عن دمج المركبات الثلاثة؛ الطموح المفرط، والأنا الهائلة ، ودكتاتورية معمر القذافي، حدوث تفاعل رهيب بين هذه المركبات، أدى إلى إحداث انفجارات مدوية مهلكة، استمرت على مدى الأربعة عقود الماضية، وغطت نيرانها وإشعاعاتها المهلكة مداءات بعيدة جدا عن مركز تفاعلها، حيث خيمة معمر القذافي، وحيث عصاه التي يهش بها على أزلامه ومريديه المعروفين باللجان الثورية، فيضربون في الأرض فسادا حيث تشير العصا.   أخطر ما في هذه المركبات الثلاثة، على الإطلاق، هو مركب الأنا. إذ أن المركبين الآخرين، الطموح والدكتاتورية، سبق وأن اتصف بهما بعض القادة، ولكنهما لم يؤديا وحدهما إلى الحالة المأساوية الفريدة التي عليها معمر القذافي الآن.عندما يقوم نظام حاكم ما على مبدأ منع شيوع ظاهرة النجومية في المجتمع، ومحاولة العمل على وقف النجومية على رأس النظام، وممارسة ذلك بشكل منهجي من خلال مؤسسة حكومية أمنية، وهي مؤسسة الأمن الداخلي المرعبة، فإن ذلك يشير وبوضوح إلى أن رأس هذا النظام، والمسئول عن أجهزته ومؤسساته، مشبع بالأنانية حتى حدودها الخطرة جدا، والتي قد تدفع بصاحبها إلى حرق ما سواه للمحافظة على أناه. إن معمر القذافي على استعداد بالتضحية حتى بفلذات كبده مقابل الحصول على جرعة واحدة من جرعات إدمان الأنا لديه.كيف؟عندما حاول سيف، والذي كان مرشحا لوراثة أبيه،  اللعب ببعض أوتاد خيمة أبيه الدكتاتور، بغرض إجراء بعض التغييرات الطفيفة عليها، كتغيير اتجاه أبوابها، أو ألوان جدرانها، أو إقصاء بعض الكلاب الأليفة الحارسة لها، لما بدا على هذه الكلاب المريضة من شيخوخة مقززة، تزلزلت أركان هذه الخيمة، وثار من فيها، وانكسر تبعا لذلك خاطر ابن كبير الضواري، حتى ذهب مغاضبا، ولم يعبأ به أبوه.أجل.داعب، وبدافع فطري بسيط، كبير الضواري صغيره، سيف،  وسايره في حبوه الصبياني نحو اعتلاء الكرسي الأول للزمرة المالكة لليبيا ، وذلك تلبية لغريزة كل الضواري في تعليم صغارهم. غير أنه وعندما تخطى ذلك الصغير حدوده، واقترب من مكان عصب الأنا لدى أبيه، انتفض أبوه، وبشدة ظاهرة، حتى كاد أن يرمي بابنه وفلذة كبده بعيدا عن حمى خيمته، والتي قام الأب المؤسس بتحديد حماها بواسطة إنزيم الأنا المتفجر لديه، تماما كما تفعل ضواري الغابة في تحديد مستعمراتها ببولها المعبر عنها، وذلك حتى لا يقترب من تلك المستعمرة أحد من المنافسين، أو حتى المتطفلين، ولو كان من الأقربين. رأى سيف، وبوضوح، هذه الخطوط والعلامات الفوسفورية الحمراء، وحاول جاهدا الالتزام بها، وعدم الاقتراب منها، وكان يتمتم بها، وأحيانا يرددها بصوت مرتفع، وذلك عندما يرى جبين الوالد المدمن مقطبا.روى المذيع الليبي المعروف؛ حسام التائب بعض ما جرى في تلك الليلة السوداء، ليلة خروج سيف، بعد اشتعال الثورة الشعبية العارمة، وبالتحديد عند مجيئه لمقر الإذاعة، ربما لإلقاء ذلك الخطاب الشهير، حيث وجد سيف ابن عمه، وأحد أركان خيمة أبيه، علي الكيلاني، هناك، فقال له، وبمرارة لم يستطع إخفاءها: "خربتونا بيتنا، الله يخرب بيتكم".أجل يا سيف إنهم، مريدوا أبيك وأزلامه ولجانه الثورية وبطانته الفاسدة، هم من خربوا بيتكم، بعدما فرغوا من تخريب بيوت ملايين الليبيين.ولكن، ما علاقة هذه الحادثة بموضوعنا، وكيف خرب علي الكيلاني بيت عائلة معمر القذافي، ومن قبله طبعا بيوت الليبيين؟ لا يستحق الجواب كثير عناء، وذلك لمجرد الإطلاع على بعض الأغاني التي كتبها، وربما لحنها أيضا علي الكيلاني وشركاه، والتي تنضح تملقا وتزلفا وتأليها لإنسان تبين للكيلاني وشركاه وقوعه تحت مرض الأنا المهلك المميت.أجل إنهم خربوا بيتكم عندما ابتزوا أباكم، ولدرجة الانسحاق،  وذلك بالضغط على عصب الأنا المتشنج لديه، بدل حقنه ببعض المهدئات، وعلاجه ببلاسم كبح الأنا، والتي كان حتما سيستجيب القذافي لها، لو أن الكيلاني وشركاه كانوا بطانة خير، تـُري الحاكم الخير، وتحضه عليه.ربما أحدٌ يقول بأن أمر إرشاد وإصلاح القذافي ليس بهذه السهولة، في ظل عربدة الأنا لديه. ذلك أنه لو كان معمر القذافي طموحا ودكتاتورا فقط، لوجدت البطانة الفاسدة ومخربو البيوت، من أمثال الكيلاني وشركاه،  صعوبة بالغة في أداء مهمتهم القذرة. شكل مركب الأنا لدى معمر القذافي الضلع المكمل والأهم في عملية التفاعل التي أدت إلى ذلك الانفجار التتابعي الرهيب، والذي لن يتوقف إلا عند وصول نيرانه إلى عصب الأنا المشحون لدرجة التورم لدى معمر القذافي، ويقوم باستئصاله.    ختاما.. هل يدرك سيف حقيقة مرض أبيه، ويسارع إلى استئصال عصب الأنا لديه، ولو كان القائد كارها، وذلك قبل أن تخطف سيف وإخوته كلاليب حريق انفجار "أنا" أبيه، وتخرب بيتهم، وتدفن العائلة الملكية تحت أنقاضها، كما فعلت ببيت الخويلدي.

لو حدث ذلك يا سيف، وتهدم بيتكم، سوف لن يتردد الكيلاني وشركاه الثوريون جميعهم بأن يبولوا على قبور عائلتكم، كما بالوا من قبل على قبور الليبيين، إشباعا لأنا أبيك المزمنة.
  محمد عمر الشيباني
Libyanspring.blogspot.com 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق