الجمعة، 20 مايو 2011

كريمة حسين / باحثة قانونية : الدستور ... حجر الاساسللدولة الليبية الديمقراطية




الدستور هو القانون الاعلي فيالدولة ، اذ يضم كل القواعد الاساسية التي تحدد شكل الدولة ، شكل نظام الحكم،تحديد اختصاصات رئيس الدولة والحكومة والسلطات التشريعية والقضائية ، كذلك العلاقةبين هذه السلطات ، كما ينظم  الحرياتالعامة ... الدستور هو القانون الاساسي الذي تبني عليه التشريعات المختلفة فيالدولة، لذلك يعد الدستور مصدر الشرعية الوحيد. 


ان الجهة التي تختص بوضعالدستور او تعديله تختلف باختلاف ظروف كل مجتمع ، بمعني ان تلك الدساتير التيتتبناها انظمة دكتاتورية تسعي من خلالها الي اضفاء الشرعية علي ممارساتها بوضععادة بطريقة املائية من قبل راس النظام او المجموعة الحاكمة والاستفتاء عليها عادةما يكون تحصيل حاصل . اما تلك الدساتير التي توضع في مجتمعات ديمقراطية تقوم علياساس عقد اجتماعي يحترم حرية الفرد وكرامته والحاكم فيها ليس اكثر من موظف عاميتحمل واجبات اكثر من ان يتمتع بحقوق فيوضع غالبا عن طريق جمعية تاسيسية او مؤتمروطني تتمثل فيه كل فئات المجتمع وطبقاته مهما بلغت درجة اختلافها من حيث الدين اوالعرق او اللغة الخ... وفي هذه الحالة الاستفتاء علي الدستور قد يؤدي الي الموافقةعلي ما اتفق عليه ممثلي الشعب المكونين للجمعية التاسيسية او المؤتمر الوطني اورفضه أي ما قدر الشعب ان ممثليه لم يعبروا عن اماله واهدافه . فالموافقة عليالدستور من خلال الاستفتاء ليس تحصيل حاصل ,.

والحالة الليبية التي تمثلبلدا عاشت في ظل الفكر الواحد وتحت مظلة حكم الفرد المستبد لاكثر من اربعة عقود منالزمن، اذ ان التشريعات الليبية وضعت غالبا بطريقة املائية ونفذت بطريقة غالبا ماكانت تعتمد علي ارادة الجهة التي تنفدها، فهي التي تفسر النص التشريعي وتقرر طريقةتنفيده ، ويقف القضاء عاجزا امام هذا الوضع لانه لايملك اختصاص الفصل في دستوريةالنصوص او حتي في احترام التشريعات لقاعدة التدرج التشريعي والامثلة علي ذلك كثيرةاذا غالبا ما نجد لائحة تتعارض مع القانون وقوانين تطبق باثر رجعي واخري تطبق حالصدورها دون ان ننتظر ان تنشر في  الجردةالرسمية ليتصل علم الناس بها. هذ الوضع الفوضوي الذي عاشه الليبين لاكثر من اربعةعقود يفرض ان يكون دستورها  تعبيرا عن امالوطموحات شعبا عاش طويلا في ظل الاستبداد وغياب احترام القانون .


ان اختصاص وضع الدستورللدولة الليبية الديمقراطية وتحديد شكل الدولة وشكل مؤسساتها وشكل نظام الحكم فيهالهو من احتصاص كل ابناء الشعب الليبي الذين ثاروا من اجل الحرية والكرامة، ومن ثملايملك احدا ان يملي علي الليبين دستورا لم يضعوه بانفسهم ، لذا فان هذا الدستور  يجب ان ياتي عن طريق جمعية تاسيسية او مؤتمروطني يضم مختلف اطياف الشعب الليبي دون ان يسمح لفئة ما بان تحتكر هذ الاختصاصبحجة انها الفئة المثقفة او المؤهلة ، لان افراد هذه الجعية التاسيسية او المؤتمرالوطني (ايا كانت التسمية) يجب ان يكونوا منتحبين من الليبين حسب الدوائرالانتخابية التي ترتبط عادة بالكثافة السكانية، هذا من ناحية. ومن ناحية اخري ،لابد ان تتم توعية مختلف فئات الشعب الليبي حول اهمية النصوص التي يحتويها الدستوروحول النصوص المختارة واسباب اختيارها حتي يتمكن الليبين من الادلاء باصواتهم فيالاستفتاء عن دراية دون ان يتم استغفالهم او سرقة ثورتهم التي دفعوا وما زالوايدفعون ثمنها الغالي والنفيس من ارواح ابنائهم. 


لذلك ، فان الخطة التي طرحهاالسيد محمود جبريل والمتعلقة بخارطة طريق تحدد الوضع في ليبيا بعد سقوط نظامالقذافي ، والتي تتحدث عن دستور يوضع في 45 يوم تبدوا لا منطقية وغير متوافقة معفكرة الدولة الديمقراطية ، فهي ستكفي هذا الايام الخمس والاربعون لكي يستتب الامنوتعود المؤسسات الي العمل بشكل عادي وان يتم انتخاب الجعية التاسيسية او المؤتمرالوطني الذي ستوكل له مهمة وضع الدستور وهل ستكفي كذلك لان يقوم بعمله وينهيمناقشاته  ويعتمد الدستور في شكله النهائيويحيط الليبين علم به وبمختلف بنوده وتنظيم استفتاء بشائه. يبدو الامر ليس فقط غيرمنطقي بل ايضا غير معقول وهذا يعيدنا الي الحديث عن الدساتير التي توضع بطريقةاملائية وتفصل وفقا لرغبة المسيطر او الحاكم وهذه الدساتير لاعلاقة لها بالدولةالديقراطية التي نحلم بها ونامل ان نعيش في ظلها. 


لايجب ان تاخذ مسالة الدستورالليبي بشكل مبسط ، فهو ليس مجرد تشريع يمكن ان يعدل في أي وقت ، انه النظامالاساسي الذي ستبني علي اساسه دولتنا الديمقراطية ، لذا يجب ان نحرص جمعيا علي انيعبر عن هذه الرغبة وان يكون عاكسا لها ضامنا للحريات والحقوق . وان لاتتممصادرة  هذا الحق بحجة السعي الي فرضالنظام و تجنب الفوضي ، ففرض النظام يمكن ان يتم لمدة محددة دون دستور بما في ذلك توسيعالتمثيل في المجلس الوطني الانتقالي وتشكيل حكومة تكنوقراط لقيادة المرحلةالانتقالية والاشراف علي الاجراءات المرحلية المتعلقة بوضع الدستور والتنظيمللانتحابات . 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق