السبت، 21 مايو 2011

رجمة : خالد محمد جهيمة : الحرب الليبية تنتقل إلى تون




لوفيجارو
دولفين مينوي
ترجمة : خالد محمد جهيمة Delphine Minoui


ليبيون في مخيم لاجئين في دهيبة
*    تحقيق صحفي : تعيش  بوابة دهيبة الحدودية على إيقاع  اللاجئين, والقصف

تُغَطي الريح الصحراوية بوابةََ دهيبة الحدودية. بعيدا من هنا , يدوي صوت بعض الطلقات الصُّم. يضحك أحد رجال الجمارك التونسيين بعصبية, قائلا, وهو يشير بإصبعه إلى الجبال الرملية الليبية الواقعة على الجانب الآخر من السياج  : " عندما يكون هناك إطلاق نار قوي, نلتصق بالأرض حتى ينتهي". لقد أصبح ذلك من الروتين بالنسبة لهذا الأربعيني الذي يعيش على إيقاع الصراع المجاور بين الثوار, وبين القوات الموالية للعقيد القذافي. إنذار كاذب هذه المرة. عادت حركة ذهاب, وإياب السيارات مرة أخرى في غضون ثوان, ففتحت صناديق السيارات, وختمت جوازات السفر. لقد شاهد رجل الجمارك أسوأ من ذلك يوم الثلاثاء, حيث سقطت عشرون قذيفة تقريبا على التراب التونسي, وتم إجلاء ثلاثةِ قتلى, وخمسةَ عشرَ جريحا ليبيا أصيبوا خلال المعارك, إلى دهيبة. لقد دفع تجدد العنف هذا تونس إلى التهديد, من غد, بإخطار مجلس الأمن بهذه الاعتداءات من قبل ليبيا.


 أصبحت تونس, منذ بداية الثورة ضد القذافي, قبل ثلاثة أشهر,.دى لما يجري في ليبيا؛ فقد شهد مركز رأس جدير الحدودي الواقع في الشرق, منذ بدء الانتفاضة تدفقَ آلاف من العمال المهاجرين, من بنغلاديش, ومن أفريقيا السوداء, ومن الفلبين. لقد غادر حتى الآن أكثر من 200000 شخص ليبيا عبر هذا المعبر؛ في طريقهم إلى بلدانهم الأصلية. أما اللاجئون الذين يتدفقون على معبر دهيبة, فأغلبهم من الليبيين, وبخاصة منذ استيلاء المعارضين لنظام طرابلس, في 21 أبريل, على هذا المركز الحدودي الذي يرفرف علي الجانب الليبي منه, الآن, علمُهم المرسومُ عليه نجمةٌ, وهلالٌ أبيضان.
يقول محمد, الذي يرتدي قميصا طويلا "لقد مرَّرت زوجتي, وأطفالي, في الأسبوع الماضي, من هنا, لأنهم ما عادوا يحتملون العنف, وها أنا ألحق بهم بدوري". لقد قَدِم من مدينة الزنتان الثائرة على نظام القذافي, والواقعة في الغرب الليبي حيث تطفوا على جبل, على بعد 120 كلم من هنا, والتي تتعرض للقصف يوميا من قبل كتائب القذافي. لقد فر, مثله, منذ شهر,   50000 ألف ليبي بسبب المعارك. يخطط محمد للذهاب إلى ملعب دهيبة القديم لكرة القدم الذي تحول إلى مُخيَّم لاجئين, لكنه سيسير بسيارته, إن لم يجد أسرته هناك, مدة ساعة إلى أن يصل الرمادة التي أقيم فيها مخيم ثان للاجئين. أما في الاتجاه المعاكس, فهناك من يرجع, كما هو حال عادل, بسيارته محملة بصفائح البنزين, وحفاظات الأطفال. يحكي أحد سكان نالوت, إحدى مدن جبل نفوسة الثائرة التي ترفض الخضوع لطغاة طرابلس, أن "هناك نقصا في كل شيء. وقد غادر أغلب السكان المدن, ولم يبق فيها سوى المقاتلين, والناسٍ الذين لا يقدرون على السفر؛ لذا فأنا أحمل إليهم كل يومين طعاما من تونس". يثير هذا الرفض للخضوع حفيظة القوى الموالية للقذافي, فتزيد من هجماتها. لقد دخلت السبت الماضي إلى التراب التونسي؛ لمحاولة استرداد مركز دهيبة الحدودي من الثوار.

تضامن
لكن الجنود التونسيين, الذين يراقبون بحكمة, وبحيادية كبيرة, ردُّوهم بسرعة. وقد تم تعزيز إجراءات الضبط, والمراقبة بالقرب من الحدود منذ ذلك الحين, وبخاصة أن هذه التجاوزات تتزامن مع توقيف بعض الجزائريين والليبيين, على مقربة من هنا,يحملون معهم قنابل حِرَفية. كما تصاعد التوتر, يوم الأربعاء, بعد مقتل عقيد, وجندي من الجيش, التونسي, في روحية الواقعة في الغرب التونسي, إثر تبادل لإطلاق النار بينهم, وبين ليبيين, يشتبه في انتمائهما للقاعدة.

يُكلف الصراع الليبي, الذي يهدد بالانتقال إلى تونس, غاليا هذا البلد, الذي ينهض بصعوبة بعد ثورته ضد ابن علي؛ فقد رجع العشرون ألف عامل الذين كانوا يعملون في ليبيا؛ ليزيدوا في تضخم أرقام البطالة, كما يمثل الانخفاض الحاد في أعداد السياح الليبيين, الذين كانوا يُقدرون بمليوني سائح سنويا, نقصا كبيرا في الدخل, لكن التونسيين يبدون, على الرغم من ذلك, صورة مثالية في حسن ضيافة هؤلاء القادمين الجدد, وهو ما تعبر عنه فتحية تكاز الممرضة بمستشفى تطاوين, غير البعيدة من دهيبة, بقولها : "إن استقبالهم واجب علينا". لقد قامت في ذلك المساء بتغيير ضمادة أحد الليبيين الذين أصيبوا في اشتباكات يوم الثلاثاء, بينما كان آخر يريها بعض صور المعركة التي أخذها بتلفونه النقال. كما فتحت فتحية بيتها أيضا لإيواء 22 لاجئ. تقول: "لقد ألهمتهم ثورتُنا, وأنا أشعر بالتضامن معهم في معركتهم من أجل الحرية".
  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق