بسم الله الرحمن الرحيم
" ان هدف اي حكومة ديمقراطية هو البقاء في السلطة، و لكن على هذه الحكومة ان تقنع الناخبين بأحقيتها لتبقى في الحكم ". بروفسور علوم سياسية
تقديم :
يعرف " جيمس كولمان " الحزب على انه تجمع له صفة التنظيم الرسمى و يعلن ان هدفه الوصول الى الحكم و الاحتفاظ به اما بمفرده او بالائتلاف او بالتنافس الانتخابي مع تنظيمات حزبية اخرى داخل دولة ذات سيادة. كما يرى " جوزيف ثيسنج" ان مصطلح الحزب السياسي يمكن ان يطلق على المنظمات التى لها هدف واحد و هو ممارسة تأثير ثابت على تكوين الرأي العام . و من وجهة نظر نُظم الحكم الديمقراطية الغربية فإن الحزب هو " مجموعة من الناس تحاول عن طريق الانتخاب ان تصل بأعضاءها الى مراكز الحكم و بذلك تسيطر على الحكومة او توجهها".
ولا يعترف دعاة الديمقراطية الغربية بأي تكوينات اخرى تحاول الوصول الى الحكم بطريقٍ آخر غير طريق الانتخاب كما لا يعترفون بنظام الحزب الواحد كما هو الحال في النظرية الماركسية.
و الحزب في الفكر الديمقراطي الغربي اذا ما وصل للحكم فإنه يصبح ـ الى حدٍّ كبيرـ في موقع صنع القرار او على الاقل المشاركة فيه من خلال السلطة التنفيذية " الحكومة" و السلطة التشريعية " البرلمان " حيث يشكل الحزب الحاكم او احزاب الائتلاف الاغلبية في البرلمان.
اما اذا لم يصل الحزب الى الحكم عن طريق الانتخابات فإنه لا يخرج من العملية السياسية انما يشكل جبهة المعارضة سواءاً داخل السلطة التشريعية " البرلمان " او خارجه ، و هو بذلك يراقب اعمال السلطة التنفيذية و ينتقد تصرفاتها و سلوكها السياسي مما يعتبر مشاركةً منه في التأثير في عملية صنع القرار.
بيد انه من شروط تحقق فاعلية الحزب او ما يسمى بالفاعلية الحزبية هو " الاطار العام للنظام السياسي " . إذ انه ليس من الممكن ان تصبح الاحزاب في قلب العملية السياسية من دون ان يتوفر الاطار السياسي المناسب من " سيادة الدستور ، وحكم القانون ، و الانتخاب الحر للهيئة التشريعية متمثلة في البرلمان، و ممارسة الرقابة الفعالة على السلطة التنفيذية ، و استقلالية القضاء، و الحد من تدخل العسكريين في السياسة المدنية و خضوعهم للسلطة السياسية".(1)
التحول الى الديمقراطية:
يعرف " شميتر " عملية التحول للديمقراطية بانها عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواء في مؤسسات لم تطبقها من قبل او امتداد هذه القواعد لتشمل افراداً او موضوعاتٍ لم تشملهم من قبل ، فهي عمليات و اجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي الى نظام ديمقراطي مستقر. و يعرفها " روستو" بانها عملية اتخاذ قرار تؤثر فيها عادةً ثلاث قوى: النظام القائم و المعارضة الداخلية و القوى الخارجية. و يحذّر " روستو" من محاولة كل طرف اضعاف الاطراف الاخرى لصالحه بشكلٍ ما و خاصة من اوساط النظام السابق للتحول الى الديمقراطية.
و التحول الديمقراطي هو عملية مستمرة و لها ثلاث مراحل:
1. الاستعداد و التاهب و تزداد خلاله حدة الصراع مع النظام القائم، وهذ ما يحدث على الارض الآن من احداث ثورة 17 فبراير المجيدة
2. ظهور اجماع حول ضرورة التغيير و تحديد مطالب اساسية و مؤسسية " و في مقدمتها انشاء و تفعيل دور البرلمان" ، و ربما لا نستطيع ان نعتبر ان المجالس المحلية هي بأي حالٍ من الاحوال صورة من صور البرلمان ،فهي وجدت لضرورةٍ مرحلية لتسيير الامور الحياتية البسيطة و للتنسيق بين جهود الثوار مرحلياً فقط.
3. تأمين التحول الديمقراطي من خلال ارساء مجموعة من القواعد و الممارسات التى تدعم تماسك المؤسسات التمثيلية و تنمي ثقافة الديمقراطية و التعددية. و قد يكون من اهم تلك المؤسسات الاعلام الحر المستنير ، و هذا ما على النخب و الاقلام المثقفة الليبية في الداخل و الخارج ان تعمل عليه و خاصةً في هذه الفترة.
و تضمن مراحل التحول مخاطر الارتداد مرة اخرى للنظام السلطوي و عدم التأكد من برنامج التحول للديمقراطية و قد تخضع المرحلة لنتائج تظهر بصورة غير متعمدة و قد تشهد احتمالات و عواقب غير محسوبة. و لهذا فإن تهيئة المناخ السياسي الملائم للتحول يعدّ امراً مهماً لضمان عدم عودة نظام الدولة الى الحكم السلطوي بأي شكل .(1)
قواعد اللعبة السياسية خلال عملية التحول:
تنقسم هذه القواعد الى ثلاث فروع لا يمكن بحالٍ من الاحوال اهمال احداها وهي:
1. شكل الحكومة : و يفضل معظم علماء السياسة ان تتخذ الشكل البرلماني لتشكيل الحكومة في المجتمعات التى تتحول حديثاُ من النظام السلطوي الشمولى الى النظام الديمقراطي التعددي. و يعزو علماء السياسة ذلك الى ان النظام الرئاسي لا يحقق التوازن بين النخبة الحاكمة و المعارضة و انما يركز السلطات في يد الرئيس و هذا من اسباب عودة النظام السلطوي الدكتاتوري الى معظم المجتمعات التى حاولت المرور الى الديمقراطية. ( سنعود في مقالات لاحقة لشرح انواع الانظمة و هي : البرلماني و الرئاسي و المزيج و نوضح لماذا النظام البرلماني في المجتمعات حديثة العهد بالديمقراطية هو الاكثر ضماناً لعدم سرقة الثورات و العودة للدكتاتورية).
2. النظام الانتخابي: في هذه النقطة ربما نفصل اكثر لاننا نراها مربط الفرس . غالباً ما تنتج خلافات و مساومات بين النخب التى لها مشروع سياسي في وضع النظام الانتخابي لمؤسسات المجتمع الذي هو في طور التحول للديمقراطية و ربما هذا ما تشهده الساحة السياسية على ارض ليبيا الحرة في هذه المرحلة . ففي هذه الحالة يكون النظام الانتخابي ( كيفية الانتخاب، من يحق لهم الانتخاب، قواعد تشكيل الاحزاب، نسبة المشاركين ..الخ)، يكون نتاجاً لمساومات مكثفة بين النخب او الجماعات التى لها اجندات سياسية مختلفة بحيث يحاول كل طرف زيادة المكاسب المستقبلية و المتوقعة من خلال اختيار النظام الانتخابي الاكثر مناسبةً من و جهة نظره. و عندما يتم وضع النظام الانتخابي و يكون مناسباً من وجهة نظر مختلف الاطراف الفاعلة سياسياً فإن ذلك يحافظ على بقاء الديمقراطية و استمرارها ، بينما اذا شعر احد الاطراف بظلمٍ واقعٍ عليه فإنه قد يلجأ الى الطرق غير المشروعة و يهدد او يقوض الديمقراطية الوليدة.
اذكر هنا مقابلةً على قناة الجزيرة مع النائب العام القطري و قد كانت المقابلة بإدارة الاستاذ " أحمد منصور" و كان موضوع المقابلة هولائحة و آلية عمل النائب العام والشفافية ، و قد كان النائب العام هو نفسه رئيس اللجنة التى وضعت بنود اللائحة و ذلك قبل ان يتم تعيينه كنائب عام. فسأله الاستاذ " احمد منصور" : ]يعني انك كنت تفصّل لائحة النيابة العامة على نفسك؟!
عزيزي الباحث شكراً على هذا الجهد لتبسيط وتوضيح الموقف , أتفق معك على ان الفترة لإعداد الدستور غير كافية وأتفق أيضاً على ان النظام البرلماني افضل لليبيا من النظام الرئاسي.
ردحذفأما قضية من يكتب الدستور فهي تتطلب جهداً وخبرة قد لا تتوفر محلياً وبالتالي لابد من طلب المشورة من الأخصائين العرب الذين نتحرى منهم صدق النية.
الذي أراه مهماً ليس الدستور في حد ذاته بل الأسس التي يوضع عليها , فمثلاً أرى ان الدستور يجب ان يحتوي على مجموعة من نقاط التوازن (check balances) من أجل ضمان سير العملية الديقراطية بدون أحتكار أو تأثير من جهة أو حزب قوي يستبعد باقي الأحزاب , لتوضيح هذه الفكرة مثلاً المصادقة على اي قرار في البرلمان يجب ان يحصل على أغلبية معينة وليس على أغلبية نسبية , بمعنى انه لايمكن المصادقة على قانون او قرار إلا اذا تحصل على نسبة محددة فلنقل 70% وليس الأغلبية النسبية كا 51%. والله الموفق