متابعة : زياد العيساوي
تصوير : عبد القادر سكران
البركة : 10/5/2011
عانق سكان حي العيساوي بالبركة، أحضان ثورة 17 فبراير، منذ اليوم الأول لها، وقدّموا لنصرتها الشهيد تلو الآخر، ولعلّ الملحمة، التي وقعت عند كتيبة "الفضيل بو عمر" الواقعة في حي (البركة)، خير شاهدٍ على هذه النصرة، حينما التحم معهم شباب الأحياء الأخرى من مدينة "بنغازي"، والمدن المجاورة لها، من "إجدابيا" و"المرج" و"شحات" و"البيضاء" و"درنة" و"طبرق"، وودَّعوا شهداءهم في مواكب الفرح بالزغاريد ورش الورود على جثامينهم الطاهرة، وبتقديم التهاني والمواساة والعون لذويهم.
وشاركوا كذلك بصغارهم يتقدمهم كبارهم، في تنظيم التظاهرات والمسيرات الشعبية الكبرى، المؤيدة للثورة المُضفَرة، بحول الله، بكلِّ فاعلية وجدّيّة، وتمّ تشكيل خلية عمل، تحت مُسمى اللجنة المؤقتة، لإدارة عددٍ من المهام المُتعلقة بالمصلحة العامة، وقد خُصِّص مقرٌ لأعضاء هذه اللجنة، تلتحم فيه بسكان الحي، لمناقشة وحلّ المشكلات اليومية، التي تقابلهم وتتعرض لهم على مدار اليوم، والاستماع إلى المقترحات والمشورات من الأهالي، وكل ما من شأنه، أنْ ينهض بالخدمات الحيوية.
الأستاذ "عبد الله البرناوي" أحد أعضاء اللجنة المؤقتة بالحي لحظة الإعداد لمظاهرة مؤيدة للمدن المحاصرة
أطفال حي العيساوي يهتفون : تحية إجلال لأحرار مصراتة والجبل الغربي
وهذا جانب من بعض الفعاليات، التي أشرفت عليها هذه اللجنة المؤقتة ورعتها:
حملات النظافة والتنظيم:
حُدِّد يوم السبت من كل أسبوع، كيوم للنظافة العامة، فانطلقت في الأسابيع الفائتة، حملات للنظافة ، التي تبدأ من مفترق المدينة الرياضية وشارع "جمال عبد الناصر"، وبالتحديد من مبنى (السيلس) وحتى ميدان الفضيل بو عمر، مروراً بحي العيساوي، خلال الفترة الصباحية.
جانب من حملة التنظيف بشارع جمال عبد الناصر
أما حملة النظافة، داخل أرجاء الحي، فقد خُصِّص لها أيام الأحد والثلاثاء والخميس من كل أسبوع، وقد تنادى إلى هذا العمل التطوعي سكان الحي، كابر عن كابر، من الشباب وفي مُقدمتهم كبار السن، وقد كُلِّف كلُّ من تطوّعوا بسيارات النقل الخاصة إلى عدة دوريات وورديات، لنقل القمامة إلى مكباتها العامة، التي خصّصها جهاز حماية البيئة.
العمل جاري على قدم وساق لتنظيف داخل الحي
وللسلامة العامة، قام سُكان المنطقة بفتح باب التبرعات المالية، لتوفير أدوات التنظيف، ومواد الطلاء، لدهن رصيف شارع "جمال عبد الناصر" باللونين الأصفر والأسود، المُعدين لذلك، وبالأبيض والأسود لأرصفة الشوارع الفرعية، وقد قاموا بحمد الله، يوم الاثنين الموافق 9/5/2011 بهذه المهمة على أكمل وجه، وسيقومون في الأسبوع القادم بعون الله، وعلى نفقتهم الخاصة وبمجهودهم الذاتي، بصيانة وإعادة تأهيل مبنى مركز شرطة البركة، حتى يعود لحفظ الأمن، والسهر على راحة السكان، إيماناً منهم بضرورة توفير الأمن، وإعادة ثقة المواطن برجال الشرطة، وتمكينهم من مزاولة عملهم في ظل دولة القانون والعدل المنشودة.
الجانب الثقافي:
لم يغِب عن ذهن هذه اللجنة، أهمية الجانب التثقيفي والتوعوي، فجعلت من يوم الأحد من كل أسبوع، في الفترة الممتدة بين صلاتي المغرب والعشاء، موعداً للمحاضرات الدينية بمسجد أبي الدرداء الواقع ضمن نطاق الحي، كما أفسحت المجال لأساتذة الجامعات، للتثقيف السياسي لأهالي الحي، وتعليمهم معنى المجتمع المدني وما ينبثق عنه من مؤسسات، لخلق الإنسان الواعي بحقوقه والواجبات الملقاة على عاتقه، للحفاظ على هذه الثورة الوليدة، وهذا بيان بالمحاضرات التي نظمتها هذه اللجنة حتى الآن، والبقية تلي:
1 - المحاضرة الأولى لفضيلة الشيخ "محمد التائب".
2 - المحاضرة الثانية لفضيلة الشيخ "عز الدين اشلاك".
3- المحاضرة الثالثة بعنوان : المجتمع المدني، وقد قدّمها الأستاذ "غازي بن أحميد".
الزيارات الميدانية:
كما للجانب الخدمي والتثقيفي، دورٌ فاعلٌ في تعزيز الجبهة الداخلية للثورة، فإنّ للدور الخيري والاجتماعي أهمية كبيرة في تدعيم اللحمة الوطنية، وشدّ ورصّ البُنيان بين مكوِّنات الشعب الليبي الواحد، في مدِّ الأواصر بين الليبيين، ومن هذا المنطلق، يقوم سكان الحي بزيارة وعيادة الإخوة المصابين والجرحى- الذين نزفوا دماءهم الزكية، ليرووا بها تراب بلادنا الغالي- بمستشفيات المدينة من القائمين بها، والوافدين إليها من المدن المنكوبة، كمدينتي "مصراتة" و"إجدابيا" لإشعارهم بأنهم بين إخوة لهم، وقدَّموا إليهم خلال هذه الزيارات بعض الهدايا المتواضعة في قيمتها المادية، والغالية في قيمتها المعنوية على نفوس هؤلاء المصابين، شفاهم الشافي، وأعادهم إلى أهاليهم سالمين غانمين، ومن ضمن هذه المستشفيات التي قام سكان الحي بزيارتها (الجلاء) و(الهواري) ومركز بنغازي الطبي، ولم يكتفوا بذلك وكفى، بل إنهم، ولأصالة معادنهم ولروح الثورة المندلعة في أنفسهم، ولمؤازرتهم للثوّار، حتى يستمروا في مقاومتهم وهم مرتاحون، تكاثفوا وتكافلوا اجتماعياً مع المرضى في مراكز تأهيل المعاقين، والمسنين في دور العجزة والرعاية الاجتماعية، بزيارتهم لهم، مُصطحبين معهم أطفالهم، فأضفوا على هذه المؤسسات الصحية، قدراً من الألفة والمحبة والتآزر.
لدى وصول سكان الحي إلى مستشفى الجلاء مُحمّلين بالهدايا للجرحى
صورة جماعية لسكان الحي في زيارتهم لمستشفى الجلاء يتقدّمهم علم الاستقلال
عميد الحي الحاج "عبد القادر التركي" يطمئن على أحد المصابين بمستشفى الجلاء
سكان الحي يلوحون بشارات النصر أمام مستشفى الهواري لدى زيارتهم للمصابين
الامتنان يبدو بادياً على محيا المصاب
الزيارة ترسم ابتسامة على وجه أحد المصابين
عند مركز بنغازي الطبي تبدو روح التكافل الاجتماعي ماثلة
السيد محمد العيساوي داخل حجرات المركز الطبي والمواساة تبدّد الألم وتترك انطباعاً طيباً
"الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر"
تحت هذا الشعار ،سيكون من ضمن النشاطات المُقبلة، التي ستقوم بها هذه اللجنة، إقامة دوري في كرة القدم، باسم شهداء الحي ومنطقة البركة، الذين سقطت أجسادهم، وصعدت أرواحهم إلى بارئهم، نسأل الله أنْ يتقبلهم من الشهداء والصدِّيقين، وينزلهم منزلاً حسناً في أعلى عليين، تخليداً لأسمائهم، وليكونوا بهذا التكريم قدوة حسنة للأجيال القادمة من بعدهم، وستشهد الساحة المقابلة لنادي النصر بالبركة، فعاليات هذا الملتقى الرياضي.
أخيراً وليس أخراً، فإنّ اللجنة المؤقتة لحي سيدي داوود بمنطقة البركة، تهيب بأحياء بنغازي السكنية كلها، إلى أن تحذوا حذوها، وتتبع هذا النظام والبرنامج التطوعي، حتى تسهم في إظهار المدينة في أحلى حُلة لها، ونـُعجّل بإنجاح الثورة المباركة، حينما يبسط الثوّار سيطرتهم على مدن الجماهيرية كافة.
عاشت ليبيا حرّة وموحدة وعاصمتها طرابلس
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق