سلات أفريكSlatAfrique
سونيا روليSonia Rolley
ترجمة : خالد محمد جهيمة Jhima Kaled
يظل الرئيس دبي أحد أنصار القذافي القلة, على الرغم من تدخل القائد الليبي الدائم في الشؤون التشادية. لكن بينما ينتظر كثيرون في تشاد سقوطه, فإن آخرين يائسون.
. لقد بدأ القذافي التدخل في الشؤون التشادية , منذ وصوله إلى السلطة, ووصل به هذا التدخل إلى حد احتلال جزء من الأراضي التشادية؛ لذا فإن التشاديين يتابعون ما يجري في ليبيا اليوم باهتمام شديد. يقول أحد المسؤولين الكبار في الحكومة التشادية : "يرحب الجيل الذي مازال يتذكر الحقبة التي قصفت فيها الطائرات الليبية أنجامينا, بما يتعرض له معمر القذافي اليوم", كما يثنى, هو نفسه, على العملية العسكرية الدولية الجارية في ليبيا, وينادي بنشر قوات على الأرض؛ من أجل الإطاحة بالقائد الليبي, الذي يُعد, بحسبه "جلادا".
لكن ذلك لا يعبر, بالطبع, عن الموقف التشادي الرسمي, الذي عبر عنه إدريس دبي في مقابلة مع مجلة جون أفريك, برفضه التدخل العسكري الدولي في ليبيا. كما أكد في تلك المقابلة أنه على اتصال يومي بمعمر القذافي, وأنه يقدم له بعض النصائح. يقول دبي : لابد للقدافي, إن استطاع تجاوز هذه الأزمة, من البداية في إصلاحات , لكنه لا يفكر مجرد التفكير في تقديم أي دعم للثوار. يقول في المقابلة نفسها : "ليس لي أي مأخذ على الثورتين السلميتين في تونس, ومصر. لكنهم لجأوا إلى السلاح في ليبيا, في حين أن إعلان الجزائر , في ,2003 يمنع استخدام السلاح للاستيلاء على السلطة". لا ننس أن إدريس دبي نفسه قد واجه مدة طويلة تمردا مسلحا, لذا فلا يمكنه مساندة سابقة خطيرة.
القذافي, الفَانِي الليبي
لقد ساند القذافي, بمجرد وصوله إلى السلطة في عام 1969, حركة التمرد التشادية, التي تنتمي, في أغلبها, إلى الشمال, في صراعها على السلطة ضد الحكومة القائمة آنذاك, والتي كانت في أغلبها جنوبية, بل إن قواته احتلت شريط أوزو , الكائن على الأطراف الشمالية لتشاد, منذ عام 1973,ولم تغادره إلا بعد عشر سنوات من الصراع. يقول أحد الضباط التشاديين : إن " القدافي قد قتل كثيرا من التشاديين, وزرع كثيرا من الألغام في شمال بلادنا؛ مما عقد حركة التنقل , ومنع أي محاولة للتنمية؛ لذا يجب أن يرحل. ثم أضاف : "سنطلب يوما ما, تعويضا من النظام الليبي الجديد".
يتذكر الوزير السابق الشيخ اين عمر, الذي كان عضوا في حركة التمرد الأقرب إلى السلطة الليبية في ذلك الوقت, ثم أصبح زعيمها في عام 1982, الأملَ الذي أثاره استيلاء القذافي على السلطة : " لقد كان في البداية زعيما من العالم الثالث, وكنا نعتبره وسطا بين توماس سانكارا , وهواري بو مدين. لم يفهم الغرب الجماهيرية؛ على الرغم من أنها ليست ضربا من الجنون, بل هي إيديلوجية تم بناؤها على مر الزمن".
يصف الشيخ ابن عمر شخصية معقدة : " يمكن أن نجد في القذافي جوانب إيجابية جدا, وبخاصة على المستوى الإنساني؛ لكن له نفسية غريبة؛ إذ إنه يَعتبر, هو وحاشيته, أن من لا يحب معمر القذافي لا يستحق الحياة في ليبيا". لقد تعزز اتجاهه الاستبدادي على مر الزمن.
"لقد أصبح يعتقد, بعد نجاته من القصف الأمريكي الذي تعرض له مقر إقامته في عام 1986, أنه لا يمكن قهره, وصار متطرفا. لقد رأيته يتحول إلى مُفْن (terminator ) حقيق"
لقد ظل القذافي, بعد انسحاب القوات الليبية من تشاد, جارا مريبا يجب أخذ الحيطة, والحذر منه دائما. يقول الصحفي عباس علي كايا, مراسل وكالة فرانس برس في أنجامينا : " كان دائم التغير, وأوهمنا بأن استقرار تشاد يتوقف عليه هو وحده. اتُّهم القذافي أيضا, في أثناء توسطه في الأزمة بين تشاد, والسودان, وبين المعارضة, والنظام التشاديين, بتزويد المعارضة التشادية المقاتلة بالسلاح خُفية. يصدق ذلك أيضا على باقي دول أفريقيا. يقول الشيخ ابن عمر : " قليلة جدا هي الدول الأفريقية التي نجت من محاولات عدم استقرار, أو قتل, أو فساد, قام بها القذافي, سببها في بعض الأحيان أن رئيسا أفريقيا لم يحترمه. إنه يملك قدرة كبيرة على إلحاق الضرر بالآخرين".
أما بالنسبة للمعارض صالح كبزابو, فإن معمر القذافي ليس سوى "نمر من ورق" "ما الذي استطاع زعزعته على المدى الطويل؟ فلم تكن أفعاله, في تشاد مثلا, سواء تلك التي قام بها في صالح المعارضة, أو تلك التي دعم بها الحكومة, مؤثرةْ جدا؛ لأنه, بكل بساطة, لا توجد استمرارية في سياسته, أو في دبلوماسيته" كما نقول دائما في أنجامينا. " من ذا الذي يستوعب السياسة الليبية؟ لا أحد؛ لأنه لا يوجد أي إنسان يفهم ما يدور في رأس معمر القذافي".
على القذافي أن يرحل, لكن كيف؟
قليلون هم الذين يعترضون على رحيل القذافي عن ليبيا من التشاديين. يقول المحامي جان برنار باداري : "لقد مكث في السلطة 42 عاما, وهي مدة طويلة, وقد آن لشعبه أن يتنفس هواء الديمقراطية؛ لذا يجب عليه أن يجد طريقة للرحيل". لكن الصحفي أبا على كايا لا يتصور أنه سيغادر "لن يرحل . إن كان يجب أن يموت, فسيموت بدون شك على يد أحد المقربين منه., كما فعل تومبا دياكيتي, وهو عسكري غيني, بإطلاقه النار على النقيب موس دادي كمارا.
يؤيد هذا الرأيَ أيضا الشيخُ ابن عمر , الذي لا يعتقد أنه سيغادر قبل أن يطلق آخر رصاصة. يقول : " إنه بعيد جدا عن استنفاذ كل موارده" وهو ما يؤكده أحد الضباط. بقوله: " لا يجب التقليل من معمر القذافي؛ فهو مستعد لفعل أي شيء من أجل بقائه. إنه يملك المال, والسلاح, ويعرف كيف يستغل الخلافات الداخلية في ليبيا".
ما تتم مناقشته اليوم في تشاد, هو بالأحرى فرصة التدخل العسكري. يقول السيد باداري ساخطا : "لماذا ليبيا, وليس ساحل العاج؟ فلوران جبادبو يحرم شعبه من الماء, والكهرباء, ويطلق النار عليه بالأسلحة الثقيلة"[1]. كما يستفهم المعارض صالح كبزابو قائلا : " لماذا ليبيا, وليست تشاد في عام 2008 , حيث حصلت مجازر في أنجامينا, بسبب إطلاق النار على المدنيين؟". يُجمع الجميع على أن هناك أسبابا غير مصرح بها خلف هذا القرار. هناك النفطُ, وتموينُ حملة نيكولا ساركوزي الانتخابية, مما يجعل هذا الأخير مصمما على إسكات القائد الليبي, والرغبةُ في إنهاء زعيم لم يكن يوما عضوا حقيقا في المجتمع الدولي. يقول صالح كبزابو : "إما أن يعتبر ذلك من باب تصفية الحساب, وإما أن يتدخل المجتمع الدولي في كل مرة يتعرض فيها المدنيون للخطر"
آثار ما يجري في ليبيا على تشاد
إن استمر الصراع , فإن شمال تشاد سيعاني, بالطبع, من الوضع؛ فإقليم بوركوـ إندي ـ تيبستي الواقع المحاذي لليبيا يعتمد اعتمادا كبيرا على التبادل التجاري مع ليبيا . لكن ما الأثر السياسي لرحيل معمر القذافي؟ يقول : المعارض صالح كبزابو : " ستكون تلك سابقة مهمة. إن غادر القذافي ملك ملوك أفريقيا, الذي مكث 42 عاما في السلطة, فستكون هناك آثار مهمة على تشاد, وعلى أفريقيا كلها. يجب على النظام أن يستمع لأصواتنا؛ فالشعب لن يترك الحكام يتلاعبون به بعد الآن.كما هي الحال هنا". وهو رأي يشترك فيه معه أحد المناضلين التشاديين من أجل حقوق الإنسان : " ستفكر الحكومة مرات عديدة قبل أن تقدم على ارتكاب جرائم قتل؛ لأن ذلك يمكن أن يكون القَشَّة التي تَقسم ظهر البعير. أما المعارض المسلح, فيتمنى أن يضعف ذلك النظام التشادي. يقول الوزير السابق الشيخ ابن عمر : لن يخسر دبي فقط حليفا, بل وصيا؛ لأن معمر القذافي يدعم نظامه ماليا, كما قام, في بعض الأحيان, بمطاردة المعارضين التشاديين".
يذهب عضو آخر من أعضاء المعارضة التشادية المسلحة إلى أبعد من ذلك بقوله : " إن إدريس دبي خائف جدا؛ لذا فقد بعث بمرتزقة إلى ليبيا لدعم معمر القذافي". لكن حكومة انجامينا كذبت هذا الخبر رسميا. يوضح مسؤول كبير في الجيش التشادي ذلك قائلا : " هناك تشاديون يقاتلون إلى جانب معمر القذافي, لكنهم من أولئك الذين بقوا في ليبيا منذ سبعينات, وثمانينات القرن الماضي. كما يوجد من يقاتل هناك للحصول على المال, أو على السلاح. يضيف المصدر نفسه قائلا : " لا يعني عدم رغبة الرئيس دبي في الإطاحة بالقائد الليبي عن طريق السلاح , أنه مستعد لاتخاذ إجراءات يمكن أن تُضر به,هو نفسه, على المستوى الدولي".
مرتزقة القذافي.
إن وجود هؤلاء المرتزقة التشاديين في ليبيا مقلقٌ فعلا. يقول رجل أعمال تشادي يسافر كثيرا إلى طرابلس : "إن هُزم معمر القذافي, فإن الجالية التشادية التي تعيش في ليبيا ستعاني كلها من ذلك؛ لأن المرتزقة الأفارقة, وبخاصة التشاديين منهم, ينظر إليهم هناك باعتبارهم من أشد, وأقسى المدافعين عن القذافي".
"إن جزءا منهم لم يعودوا تشاديين بحق, فالذين ساندوا ليبيا في حرب تشاد قد ضُموا إلى الجيش الليبي ؛ ولا يتحدث أبناؤهم عربية أهل تشاد. ما ذا سيكون مصيرهم؟"
لا يُخفي كثير من المسؤولين خوفَهم من أن يزيد رجوعهم من عدم الاستقرار في البلاد, وبخاصة أنهم آلاف من المسلحين بلا قيادة, وبلا علاقات. يقول أحد هؤلاء المسؤولين : " يمكن أن ينضموا إلى المتمردين, أو استخدام ليبيا قاعدة خلفية ينطلقون منها". يقول الشيخ اين عمر, الذي يخاف من عدم استقرار قصير المدى على تشاد, وعلى دول أفريقية أخرى,, : "إن التجنيد يتم في جميع الشريط الساحلي؛ فالناس يذهبون إلى ليبيا من أجل الحصول على المال, وعلى السلاح, ثم يرجعون إلى بلدانهم. ستخدم هذه الترسانة كلها المهربين, والجماعات المسلحة المختلفة"
الحرب في ليبيا. الناتو يقتل الابن الأصغر للقذافي وثلاثة أحفاد. كاتين الاحتيال تقع اليوم. روسيا تستعد لحرب نووية... انظر :
ردحذفhttp://aims.selfip.org/~alKvc74FbC8z2llzuHa9/default_libia.htm