قف .. وجرد نفسك من الزيف .. فأنا كاتب في زمن ( لا )
لم يعد بمقدور المرء قبول التبجح والإنصات , ثمة ما يحدث يفوق الخيال . لن نستنكر الوقائع والأحداث , ولن نكون كالنعام . رؤوسنا مرفوعة في السابق , وأكثر ارتفاعا في الحاضر حد قمم الجبال الشامخة . انتهى زمن الصمت .. وانهارت قلاع الخنوع . فالسخف يحوم على دائرة التشكيك . لا أحدث نفسي ولا ازكي مبادئي ولا أقدم قربان لأحد . من هنا تخط عبارات النصر والاستشهاد , وتنطلق المظاهرة تلو المظاهرة . بصوتٍ واحد وقلب واحد وإجماعا " لشعب يريد إسقاط النظام " ومن الداخل تتسابق الجموع على قصعة تتشابك فيها الآراء والمقترحات . تكتيك مستعجل تتبادل فيه الأدوار وتختصر فيه الشخصيات لا لشيء إلا للذات القصوى "وكل” يغني على ليلاه" .. لسنا أعداء ولسنا أصدقاء بعيدا عن التفاصيل .. نعيش فوق تراب واحد .
واقع يبشر بارتجال جماعي يمتلك أغلبية صوت الناس . واقع مغاير ومذهل أيضا. يلتحم الشرق والغرب في ثوب جديد مطرز بزخرفة " ليبيا الحرة " فماذا يحتكر ذاك الصوت ؟ ولمَ يحتكر ؟ ولماذا السعي وراء الاحتكار ؟ على بساطة عقول أتلفها نظام السابق مثلا .
********
تدار الندوات والمحاضرات وتشرف عليها جمعيات واتحادات . مشبعة بالملل يقينا أن هذا المسلك كان المقصود به عرض" فنتازيا المهجر" . إذ لا يمكن لعاقل أن يتحدث ويناقش عن كيفية الدفع بالدستور . وسبعون أو ثمانون في المئة من الحضور لا يفهمون معنى الدستور . أو لمثقف يسابق عجلة التغيير يتناول موضوع "التعددية " أو المجتمع المدني دون الرجوع إلى التركيبة الأيدلوجية للمجتمع .. وغيره من الطرح المغلوب عليه طابع "نــحن " تنتهي الندوة أو المحاضرة بفتح باب النقاش ! وهل بعد التوهان تصل الفكرة ؟ . ليس كل الناس مثقفين , وليس كل الشباب متعلمين, وحتى أعلى درجات التعليم " الأكاديميين " يحتاجون لمن يسهل عليهم سبل الطرح . أمران أساسيان قبل كل شيء (التثقيف – وتوعية الشارع ) ولا حول ولا قوة إلا بالله .
· ماذا بعد 17 فبراير ؟
سؤال محير مليء بعلامات استفهام تساوي عدد الطلقات المزعجة التي تذكرك بماضٍ مريب وحاضر تعانق فيه مرارة المقولة أن السلاح صار (بيد الشعب ) .
سؤال محير تائه ومفقود لدرجة أن ينعقد اللسان فور نطق عدد المفقودين في الجبهة أثناء ( الكر والفر) .
سؤال محير وصعب يزن ارتال فلول النظام البائد .. الذي اختار الأرض المحروقة . فكم عدد الضحايا ؟ وكم عدد الأسر التي شردت , والنساء التي اغتصبت ,والبيوت التي هدمت , وتختار بعض القبائل والقرى موقف محايد وجبان . تشاهد بهدوء تام وتتحدث عن بعد 17 فبراير .
سؤال محير يصاغ فيه "البيان " تتضامن الأسطر والكلمات وتتناغم النفوس بالطمأنينة والأمان . أنا القاتل فلان ابن فلان .. أنا الجلاد ابن علان .. أنا المجرم ابن الجبان .. أنا "مدون التقرير" عالي المقام ! . وغيره ممن لطخت أيديهم بدماء الشرفاء والأحرار .. أليس من الظلم أن نقبل ؟ .
********
في غفلة تتسارع الأحداث وتخرج مئات الأفكار , تتفاجأ بوجود المرئيات والمسموعات . وطمس الأزرة يبرر أن أجندة الحراك تحتكم .. وكأن من قال أن مؤشر (إقصاء الأخر ) بدأ بالفعل . ليس المطلوب منك أن تفسر معنى " مرحلة الانتقالية " ولا رغبة فيك أن تتزمت في أمورا أكثر تعقيدا . فحاول أن ترمي " العملة المعدنية " إما أن نحفظ ماء الوجه , وإما أن نموت سويا . مجرد تفسير لفراغ حط بمدينة بنغازي بعد أن صارت كتائب القذافي على مشارف المدينة .
*******
لست وحدك تلتقط أنفاس الحرية , فخلفك , وأمامك, وبجانبك بعض من شرذمة النظام السابق . وللأسف الشديد بكثرة يحق لهم أيضا أن يصرخوا ويتقافزوا وان يركبوا الموجة دون أن يصابوا بدوار البحر "قرب محكمة شمال بنغازي " . في لحظة يلتقي فيها الحلم مع الحقيقة .. جميعكم شاهدون , ومعتصمون , وثوار أيضا .. لكنكم لستم شهداء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق