الأربعاء، 20 أبريل 2011

ترجمة : خالد محمد جهيمة : في مدرسة بروباجاندا "دعاية" العقيد القذافي


في مدرسة  بروباجاندا "دعاية" العقيد القذافي
دولفين مينوي  Delphine Minoui
لوفيجارو  Le Figaro
ترجمة : خالد محمد جهيمة  Jhima Kaled


تحقيق صحفي ـ  يشرف المعلمون على تلاميذ المدارس, في طرابلس, بصرامة, ويقدمون لهم, إلى جانب المواد
الدراسية, كلام النظام .

يهبطون  بسرعة, وفي ضجيج غير مسموع,  درجاتِ  سلم  مدرسة  فاطمة  زهراء الفاتح, حيث تنتظرهم في وسط الفناء  سعاد سلطان مديرة المدرسة  المحجبة  في وضع الاستعداد, رافعة يدها إلى السماء, لتهتف  أمامهم بصوت عال الشعار َالموزع بذكاء  : "الله, ومعمرو وليبيا, وبس " ؛ فيردد  الأطفال  المتحمسون, في لباسهم  شديد الزرقة الموحد,  في جوقة , كالروبوات الصغيرة , هذا النشيد المكرس "لبابا معمر". بل إن  بعض الأقوياء منهم, قاموا  بنزع  صورة  الزعيم  الليبي من فصولهم , وحملوها بأيديهم, كلعبة سمجة لا يعرفون عنها شيئا . ثم قاموا  بإغراقها بالقبلات .
تتراوح أعمار أطفال طرابلس هؤلاء مابين  8 سنوات,  و14 سنة, فهم مازالوا في سن لعب  "البطش", والقفز بالحبل, لكنهم في هذه المدرسة , التي أعادت فتح أبوابها  منذ وقت قريب , بعد ثلاثة أسابيع من الانقطاع بسبب  المواجهات بين الثوار, والموالين للقذافي, يُحرمون  من أوقات اللعب التي تحولت إلى  لحظات  للدعاية (البروباجندا) . لا تظهر هنا أي علامة على الثورة؛ فصور العقيد القذافي , الموجود في السلطة منذ أكثر من أربعين عاما, مثبتة بقوة على الحوائط .
مبادئ "الكتاب الأخضر"
تُلوح  المعلمة نجية العربي , متشجعة  باسترجاع  مدينة الزاوية في الغرب , ورأس لانوف  في الشرق, "بالكتاب الأخضر الصغير"  "كتاب النظام المقدس", متراسا ضد " أعداء ليبيا ", كالقاعدة, وقناة الجزيرة, والأمريكيين, والجامعة العربية, وفرنسا, أولِ دولة اعترفت  بحكومة  المعارضة. اللائحة طويلة , كما تقول, لكن  "ليبيا  ستخرج مرفوعة الرأس, كما  حصل بعد الاستعمار الإيطالي, إن شاء الله".
إنها تُعلم مبادئ «الكتاب الأخضر", لتلاميذها, بمعدل ساعة في اليوم "تذكرهم فيها بأن القذافي هو قائد الثورة الليبية العظيم, وبأن الشعب هو الذي يحكم, عن طريق المؤتمرات الشعبية.  إنه  نموذج  حقيق للديمقراطية, يجب 
على الدول الأخرى أن تسير على هديه" لكنها  نست  أن تشير إلى عدم وجود انتخابات, وإلى  وجود الميليشيات التي تقمع  أي معارض. عرضت نجية العربي, باعتبارها جنديا من جنود النظام, بالتفصيل المزايا التي تحصل عليها مقابل ولائها للنظام قائلة: "أملك بيتا جيدا, وسيارة, ومرتبا شهريا قدره 500 دينار, وقد تحصلت مؤخرا على مساعدة إضافية بلغت 400 دينار حُولت إلى حساب المصرفي. ما ذا أريد أكثر من ذلك؟"
"قل إن كل شيء على ما يرام"
عرضت علينا نجية العربي, ثملة بالدعاية,  أن نقوم بجولة على الفصول. قام  مشرف يرتدي بدلة بربطة عنق بجذب تلميذ من مقعده, في أحد فصول القاطع الأيمن في الدور الأرضي , الذي كان يستعد لبدء درس في الرياضيات, آمرا إياه, بالعربية,  أن يقول لنا " كل شيء على ما يرام".  كما أجاب عن سؤالنا: أهو سعيد بالعودة إلى المدرسة", بـ"نعم, لأنني كنت خائفا, خائفا جدا, خلال الأيام الأخيرة" ممن ماذا؟ " من لا شيء.... من أن تفوتني الامتحانات,  متمالكا, بعد تلقيه ضربة من مرفق المشرف المذكور, ثم أضاف متعتعا, ومكررا الكلمات التي يهمس له بها هذا الحارس الشرس : " على الإعلام أن ينقل الحقيقة. كل شيء على ما يرام في طرابلس .... لقد أقفلت المدارس أبوابها بضع أيام فقط.....أقسم لكم  إن شيئا لم يحدث في تاجوراء,  أو في سوق الجمعة, أو في فشلوم ( مركز المناوشات المبكرة للثورة, الكاتب)"   قبل أن ينتقل إلى موضوع آخر " نريد القذافي, نحن بحاجة إلى القذافي"  وسط تصفيق جميع التلاميذ
"الناس خائفون"
اقتربت منا, عند رجوعنا إلى الممر, فتاةٌ تلبس  حجابا أبيض, مستفيدة من غياب المشرف, لتفضفض لنا في لغة  إنجليزية ممتازة قائلة : " يوجد كثير من المشاكل في ليبيا, كالفساد, والرقابة...عندنا نفط , لكن  ليس هناك عدالة في توزيع عائداته"  ثم  تضيف " منذ  رجعنا إلى المدرسة , ظلت نصف الفصول فارغة . الناس خائفون  من الوضع, وهو أمر طبيعي. لقد توقفت أمي عن العمل منذ أن قُتل مديرها؛ لأسباب أجهلها. يبدو أنَّ هناك قتلى كثيرون"
الفتاة, المغرمة بالمسلسلات الأمريكية, والمدمنة  الفيسبوك, غاضبةٌ  لعدم تمكنها من استخدام الانترنت الموقوف منذ أكثر من  أسبوع. تقول بعصبية " لقد شوشوا حتى على قناة الجزيرة؛ لإجبارنا على مشاهدة التلفزيون الوطني. لكن كل ما يقوله هذا الأخير "أخضر", إذن ما الفائدة من مشاهدته". لقد غيرت الموضوع بمجرد أن سمعت صدى  صوت حذاء المديرة  يرن على البلاط في نهاية الممر , لتقول : " ليبيا دولة واحدة. نحن جميعنا إخوة هنا, لا أحد يريد الحرب" ثم عادت إلى فصلها الدراسي.


هناك تعليق واحد:

  1. (اخت الاحرار) لعنة الله علي هذا النظام وكل من يطبل له انا لن انسي ذلك اليوم الذي اخذونا فيه اجباري في باصات الكلية من هندسة صبراتة الي بيوت الشباب علي اساس اننا سنقابل القذافي وتم تفتيشنا من قبل رجال الامن بطريقة مرعبة وتركونا حتي وقت متاخر ونحن محبوسون في انتظاره وفي الاخير لم نره ابدا ويعلم الله بمقدار القلق الذي عاشه اهلنا من بقائنا حتي وقت متاخر بعد صلاة العشاء حيث كنا نسكن خارج صبراته حيث جاء بعض الاباء لصبراته وبعضهم بقي ينتظر الحافلة. فاذا كانت هذه معاملته في وقت كان يملك فيه زمام الامور فما بالك الان وهو علي هذه الحال.

    ردحذف