السبت، 16 أبريل 2011

عبد السلام الزغيبي : الخلاص من الشبح


الخلاص من الشبح
اثينا/ عبد السلام الزغيبي

لا أتصور كيف كان هذا الرجل يحكمنا.. كيف تحكم فينا طوال هذه السنوات.. هل كنا في حالة تنويم مغناطيسي؟ هل هو الرعب والخوف الذي سكن فينا ؟ كيف حدث هذا؟ كان يقول أسوّد فنقول أسوّد. يقول أبيّض فنقول أبيّض.إذا سكت نسكت، وإذا فتح فمه، ركضنا نحوه بالميكروفونات والكاميرات، من اجل أن يتفضل علينا حتى ولو بنصف كلمة.. بتصريح.. أو بمداخلة مثلما كانوا يقولون عندما يأتي للحديث في مؤتمر الشعب العام، أو البرلمان.. كان يتحدث حول كل شيء إلا الشيء الذي يهمنا ويتعلق بحاضرنا ومستقبلنا.. يحكي ويحكي.ويأتي العام الجديد ووضعنا على ما هو عليه بل يزداد سوءا بسبب توصياته التي تعتبر قوانين نافذة لا يجرؤ احد على مخالفتها رغم أنها تحدد مصيرنا ففي يده كل شيء بدءا من إعلان الحرب وحتى ماذا نأكل وماذا نشرب ومتى ندخل الحمام!!
إذا فتحت التلفزيون ليس هناك إلا فقرات من الأناشيد والأغاني التي تدعو له بطول البقاء على صدورنا، وبالإقامة على أكتافنا إلى الأبد.
تلفزيون يرصد فقط تحركاته وزياراته واستقباله لزواره في الخيمة. والصحف تلهو بوصف مناقبه وبالأحاديث عما يحقق من انجازات ومعجزات وانتصارات عظيمة تحققت في عهده الميمون. ولا يخلو الأمر من برقيات المبايعة والتأييد والوثائق المكتوبة بالدم! تبارك ما يكبر في عهدته، لتؤكد الانتساب إلى القطيع!
القطيع الذي كان يكبر مع الأيام، ليتحول هذا الرجل إلى عادة يومية عند الشعب وضيفا ثقيلا ويحتل جزءا كبيرا من أحاديث الناس في أي نقاش.
في الشوارع والميادين والمكاتب والساحات تحاصرك صورته المعلقة فوق وتحت وأمام وخلف كل جدار، تراقب الجميع طوال الليل والنهار.. كأنه أمر مفروض علينا .. علقم نشربه ليل نهار.
ويمضي الوقت ونحن على هذا الحال .. ندور في حلقة ضيقة وأيام مكررة تشبه بعضها لا طعم ولا لون لها.. ندور في الساقية كما الثيران .. نريد التحرر ، ولا نتحرك ، وكأننا كتلة من الحجر الصلد لا تتغير ولا تتأثر بما يتغير من حولنا.. نرى ونعرف ، لكننا لا نتحرك بل ندور في محيطنا نصنع الفراغ.
وبما أن الكلام وحده لا ينفع، والصمت لا يفيد، والصراخ موجع، وكان من العسير أن يتداعى الناس إلى الشوارع لان المشانق كانت تنصب على باب الدار!
ودب اليأس في نفوس الجميع بأن التغيير مستحيل. وانه ليس بوسعنا أن ننجو من هذا الخراب.. لأنه مصيرنا المحتوم وقدرنا المكتوب.. لا لشيء إلا لأن شبح الغول مقيم معنا يأكل ويشرب وينام ويحلم معنا .. يعشش فينا ويحاصرنا.. حتى جاء اليوم الذي لم نستطع فيه الهروب من السؤال.. فالعالم من حولنا فك الحصار.. والزمن يمضي بنا ونحن نريد أن نعيش أن نكون بشرا لنا آمال وأحلام، وقلوب تنبض بحب الحياة، لا جثث هامدة في صحراء لانهاية لها ولا قرار. وجاء اليوم الموعود وخرج الناس من أقبية الظلام يبحثون عن حريتهم وكرامتهم وليتخلصوا من طغيان الشبح الذي جثم على صدورهم أكثر من أربعين عام.. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق