ليست
أطروحة ولا بحث اكاديمي يكمن في هذا العنوان .. وانما سردية يومية يعيشها المواطن الليبي في دائرة معاناة سيزيف
الاغريقية .
تذهب
السيدة وزيرة الخارجية لتفقد الثغور والاطمئنان على أحوال المنافذ في بداية استلام
عملها ..
تحرص
على اختيار الاقمشة والألوان الخاصة بظهورها وحضورها الدبلوماسي ..
هل ثمة
مشكلة ؟
سنعرض
ما يتعرض له المواطن امام "كانشيلو" وزارة الخارجية نفسها في زاوية
الدهماني .
الموضوع
لا يتعلق باشخاص موظفين بعينهم .. وانما الى نظام اداري كامل فاشل من مخلفات :
" يا يوم من أيام القايد " .
يذهب
المواطن الى مكتب وزارة الخارجية المجاور لمكتب الوزيرة .. لتفعيل رقم جوازه
الليبي ..
تفعيل
يعني رقم الي لتدخل به حضرتك في المنظومة الالكترونية .. اقصد جواز سفر حضرتك
وكامل بياناتك الليبية .
اما
حضرتك فانت محصور في المنزلة بين المنزلتين – اذا جاز استعارة راي المعتزلة - فاما ان تكون امام الحاجز الحديدي "
الكونشيلو" . أي ان تكون في الممر الذي كان مسقوفاً - قبل ان يقصفه النيتو في
حرب نزع الملك عن " ملك الملوك " –
تناوب
على وزارة الخارجية بعد فبراير كثيرون .. لم يرفع احدهم نظره الى سقف المبنى
السيادي المتداعي .. الممثل للخارجية الليبية .
واما
ان تكون حسن الطالع فيكون بمقدورك المكوث خلفه
.. أي في الصالة الصغيرة المطلة مباشرة على مكاتب الموظفين عبر حاجز زجاجي
.
بصعوبة
بالغة تمتد يد الافندي ( ) لاستلام ملفك .. يقلب الارواق .. يتأكد من استيفائك
للمستندات كاملة ..
حسناً
.. يقول الافندي ثم يردف : " تعال
الخميس " .. يغمرك شعور بالارتياح .. ثم تقول لنفسك .. ربما نكون قد ظلمنا الافندي وتسرعنا في الحكم .
تقوم
الخميس مبكراً .. تتأكد من عدم انتعالك
حذاء رياضي او " سباط " ..
وتتجه
الى الوزارة لاستلام التفعيل الذي هو الرقم الالي .
-
الخميس عمل داخلي يردك الموظف الحارس للمبنى .. الواقف خلف جهاز الكشف عن
المتفجرات :
لا استقبال لمعاملات المواطنين اليوم ..
يغمرك
شعور بالخديعة .. تنقصه دمعتان ..
الجمعة عطلة .. السبت عطلة ..
الاثنين
يوم اخر في زحام ثلاثية :
(
الجمهور .. الافندية .. الكونشيلو ) .
جوازك
يحتاج تعديل .. يشرح لك افندي اخر .. ظهر
على مسرح الثلاثية ..
يعني
شنو ؟ تتسأل بمزيج من فصحى على عامية على قهر ..
فيما يرتسم امام ناظريك درب زمني وجغرافي مضني اخر ..
- يعني
ضرورة الذهاب الى (السيطرة ) ..- وهي بالمناسبة منظومة امنية من ميراث ( القايد)
في حقبة :
( بالدبابة والبردم .. الجولان نغطيها دم )- .
هناك
ليس ثمة كنشيلو .. لكنهم يتفقون مع الخارجية في مبدأ العداوة للحذاء الرياضي
و"السباط " .
لا
يأخذك الغرور في حذاء رياضي جديد ناصع البياض .. نوع (فيلا ) ..
سيقبل
الحارس في الخارج جميلاً عليك ان سمح لك بالدخول .. جميل من نوع :
"
احمد ربك اللي خششناك " .
رأيتهم
يرفضون مواطناً مع ملفه لانتعاله سباطاً .
هناك
في السيطرة .. بمقدورك لمس المكتب دون
واسطة .. وسيحدثك افندي السيطرة بشكل ودي
:
يا حاج
انا اريد ان اخدمك .. احضر لي نسخة من الجواز القديم .. اسحبه عند اول مصوراتي
بالجوار ..
تنطلق
.. تكتشف ان مصوراتي الجوار لا يمتلك رفاهية سحب الأوراق من جهازك .. تعثر على مصوراتي في ظهيرة طرابلسية تقليدية ..
حين يصبح بينك وبين ضربة الشمس ورقة " بفره
" ..
تعود
.. يختفي الافندي .. يظهر افندي اخر واقفاً .. يؤكد لك بانه لم يكن ثمة مخلوق هنا
على المكتب .
يدور
افندي اعلى رتبة في المساحة المتاحة خلف المكتب .. ملصقاً هاتفه على اذنه ..
متحدثاً مع احد ما ..
ينظر اليك .. فيما هو مستغرق في الكلام .. يلقي
نظرة على اوراقك .. يلتقط دباسة .. يضغطها .. تلتصق اوراقك مع بعضها .. يشير الى
الافندي الذي انكر روايتك بخصوص افندي المكتب ..
باشارة
من يده .. تأخذ اوراقك طريقها الى المنظومة ..
الاحد
سيكون التعديل جاهزاً في الخارجية .. ثقته في اصدار الامر .. لا تمنحك مجالاً للأخذ
والرد .
نحن في
يوم الثلاثاء .. الأربعاء الخميس .. السنة الهجرية .. عطلة سنوية ..
الجمعة السبت .. عطلة أسبوعية .
هل
احكي لكم بقية القصة ؟
اختم
بثلاثة معايير لجودة الخدمة في القطاع العام :
1-
معيار ماريان الفرنسي :
يقوم
على خمسة التزامات .. نختار احداها :
-
تيسير الاتصال وسهولة الحصول على الخدمة
من طرف الزبون .
2 –
ميثاق مارك البريطاني :
ولديه
عشرة معايير . نكتب لكم احدها :
-
تصحيح الأخطاء والتعلم من الانتقادات
3 – نموذج
اطار التقييم المشترك للاتحاد الأوربي :
وهو
منظومة معيارية متكاملة لتحسين خدمة المرافق العامة .. من اهم خصوصياتها :
- ضمان
وتشجيع تبادل المعارف والتجارب بين جميع أنواع هياكل القطاع العام , وكذلك توفير قاعدة مرجعية للاقتداء بالتجارب الدولية
التي ثبت نجاحها والتعلم منها .(1)
قد لا
يجد المسؤول الوقت الكافي للبحث ومراجعة هذا الكم من المعايير ..
اضع
امامه معيار عمر بن الخطاب :
"
لو ان جملاً هلك بشط الفرات , لخشيت ان
يسألني الله عنه " .
اسعد العقيلي ... 11.8.2023
1 – (
صليحة , رقاد . تطبيق نظام الجودة في مؤسسات التعليم العالي الجزائرية : افاقه
ومعوقاته : دراسة ميدانية بمؤسسات التعليم
العالي للشرق الجزائري , رسالة
دكتوراه , جامعة سطيف , الجزائر , 2013-2014 ,
ص 16 /17/18/19 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق