السبت، 4 يونيو 2022

ملخص ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين

 

ملخص ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين

أبوالحسن الندوي

 

صدر هذا الكتاب لمؤلفه الهندي المسلم، باللغة العربية، عام 1363هـ- 1944م، وقد صدرت منه حتى عام 2000م خمس عشرة طبعة، تُرجمت إلى عِدة لغات ونُشرت في أرجاء العالم الإسلامي.

 

ويشتمل الكتاب على خمسة أبواب تتضمن خمسة عشر فصلاً، قدم له بعض العلماء والمفكرين المسلمين, على رأسهم الشهيد "سيد قطب"، وكان مما قاله في تقديمه للكتاب: "…. إن الحقيقة البارزة في الكتاب كله هي الفهم العميق لكليات الروح الإسلامية في محيطها الشامل، وهو لهذا لا يعد نموذجًا للبحث الديني والاجتماعي فحسب، بل نموذجًا كذلك للتاريخ كما ينبغي أن يكتب من الزاوية الإسلامية, وهو نموذج للتاريخ الذي ينظر للأمور كلها والعوامل جميعها وللقيم على اختلافها….."

 

الباب الأول: وموضوعه العصر الجاهلي ويشتمل على فصلين:

*الفصل الأول: موضوعه الإنسانية في الاحتضار، وفيه عرض المؤلف للأديان الموجودة في القرنين السادس والسابع الميلادي بدأها بالمسيحية التي عمتها الخرافات الجاهلية والوثنية حتى أصبحت مزيجًا من الخرافات اليونانية والأفلاطونية والرهبانية، وقامت الحروب الأهلية الدينية في الدول الرومية التي تدين بالمسيحية، وبلغ الانحلال الخلقي والاجتماعي غايته، وأصبح الهم الوحيد للناس اكتساب المال من أي وجه وإنفاقه في الترف والملذات والشهوات.

 

أما اليهود فقد كانت أمةً غنيةً بفهم الدين، ولكنهم لم يكونوا عاملاً من عوامل الحضارة والسياسة، ولم يكن لهم تأثير في غيرهم، ولكنهم قُضي عليهم بالتشرد والذلة والاضطهاد من المسيحين وغيرهم، وقامت بينهم وبين المسيحيين معارك ضارية قُتل فيها الكثير من الطرفين.

 

أما الفرس وهي التي شاطرت الروم في حكم العالم في ذاك الزمن فقد كانت معقل الحركات الهدامة التي عرفها العالم، وكان تقديس الأكاسرة هو السائد والتفاوت بين الطبقات أصل من أصول المجتمع الفارسي، وكانت المجوسية وعبادة النار هي عبادتهم.

 

أما البوذية فكانت في بلاد الصين حيث كان الناس يعبدون الإله بوذا، وينصبون التماثيل لبوذا، وجعلت البرهمية بوذا مظهرًا للآلهة، ولم يكن الناس يؤمنون بالله، ولم يكن عند الصينين رسالة دينية للعالم يحلون بها مشاكله.

 

أما في الهند فقد بلغت الوثنية المتطرفة أوجهًا، حيث بلغت الآلهة330 مليون إلهًا حيث أصبح كل شيء رائعٌ وجذابٌ إلهًا يعبد، أما الشهوات الجنسية الجامحة فقد امتازت بها الديانة في الهند، وكذلك نظام الطبقات القاسية بين البشر وامتياز طبقة البراهمة، ولم يكن للمرأة في المجتمع الهندي أي قيمة تُذكَر، فكان الرجل يخسر امرأته في القمار مثلاً.

 

أما العرب فكانوا أهل أصنام يعتقدون أن الله إله أعظم، وأن هذه الأصنام تُقرِب إلى الله، ويعتقدون فيها النفع والضر وتنوعت الآلهة عند العرب، وكانت اليهودية والنصرانية عند العرب دونما أي تأثير وكانت العصبية القبلية الشديدة من أهم سمات العصر, وهكذا كان حال الأمم في الأرض في القرنين السادس والسابع الميلادي.

 

*الفصل الثاني: النظام السياسي والمالي في العصر الجاهلي، وكان من أهم سمات النظام السياسي والمالي:

- الملكية المطلقة، حيث كان العصر الجاهلي عصر الحكم الجائر المستبد في كل أمم الأرض، ولم يكن النظام السياسي والمالي في الدولة الرومانية يختلف عن الدولة الفارسية، وكان نظام الجباية والخراج تذهب أموالها إلى الملوك.

- الفصل الشاسع بين طبقات المجتمع، حيث كانت المناصب وقْفًا على بعض البيوتات ذات الحظوة والجاه عند السلطان، وبقية الشعب يعمل ويكد ويعود النفع على الطبقات العليا.

- المدنية المصطنعة والحياة المترفة التي غرق فيها ملوك الفرس والروم وحواشيهم، فكان لكسرى أبرويز 12 ألف امرأة وخمسين ألف جواد وشيء لا يُحصى من الترف والبذخ.

- الزيادة الباهظة في الضرائب وسن القوانين الجديدة لابتزاز الأموال من الفلاحين والصناع والتجار وأهل الحرف، وذلك لتمويل الترف الباهظ للسلطان.

 

 

الباب الثاني: وموضوعه من الجاهلية إلى الإسلام ويشتمل على أربعة فصول:

 

* الفصل الأول: منهج الأنبياء في الإصلاح والتغيير وفيه عرض المؤلف لموقف العالم الذي واجهه محمد- صلى الله عليه وسلم-، وهو صورة مصغرة للعالم وكانت نواحي الحياة الفاسدة تسترعى اهتمام المصلح وتشغل باله، وكان كل داء من أدواء المجتمع يتطلب إصلاحه حياةً كاملةً، ولم يكن الرسول- صلى الله عليه وسلم- رجلاً إقليميًا أو زعيمًا وطنيًا يُريد أن يكون للعرب إمبراطورية عظيمة يستطيع أن يرمى بها الفرس والرومان وينتصر للعروبة المهضومة، ولكنه- صلى الله عليه وسلم- أُرسل للناس كافةً ليخرج عباد الله جميعًا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ولم يكن خطابه لأمة دون أمة ولكن كان للنفس البشرية جمعاء، ودعا الناس إلى الإيمان بالله وحده ورفض عبادة الأوثان والطاغوت.

 

* الفصل الثاني: رحلة المسلم من الجاهلية إلى الإسلام، حيث ظل النبي- صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس ثلاثة عشرعامًا إلى الإيمان بالله لا يُداهن ولا يستكين ولايُحابي ولا يلين، وتَعرَّض هو وأصحابه إلى ما لا يُطاق من العذاب والعنت، وسلك الرسول- صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه طريق التربية الإيمانية التي تسمو بالروح وتخلص النفس من سلطان المادة والشهوة، ثم هاجر- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، والتي كانت نواة للأمة الإسلامية الكبيرة، ومنها خرج النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه سبعًا وعشرين مرةً للقتال في عشر سنين، ولقد كان للإيمان الذي غرسه الرسول- صلى الله عليه وسلم- في أصحابه أثرًا عظيمًا في تصحيح السلوك والأخلاق والميول وفي الاعتزاز بالله، ورفضهم الانحناء والذلة لغيره سبحانه والاستهانه بالزخارف والمظاهر الجوفاء، والشجاعة النادرة والاستهانة بالحياة، وقد دلل على ذلك المؤلف بمواقف كثيرة من السيرة النبوية.

 

*الفصل الثالث: المجتمع الإسلامي، وهو المجتمع الذي أسسه الرسول (ص) على قواعد راسخة، أهمها: رفض العصبية القميئة فقال: "ليس منا من دعا الى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس من مات على عصبية". وجعل المجتمع كله مسئول فقال: "..كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته…"،وجعل أصل الطاعة الكاملة لله- عز وجل-، ولا طاعة لأحد في معصيته، فكان شعارهم (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فكان الرسول- صلى الله عليه وسلم- منهم مكان الروح والنفس وشغل منهم مكان العين والقلب، وقد عرض المؤلف لكثير من المواقف الشاهدة على ذلك.

 

*الفصل الرابع: وعرض فيه المؤلف كيف حوَّل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خامات الجاهلية إلى عجائب الإنسانية من أمثلة عمرو بن العاص، وبلال، وزيد بن حارثة، وأبوسفيان، وغيرهم.

 

 

الباب الثالث: العصر الإسلامي، ويتضمن ثلاثة فصول:

 

* الفصل الأول: عهد القيادة الإسلامية عرض المؤلف فيه لأئمة المسلمين، قادة العالم وخصائصهم، وكان أهمها:

- أنهم أصحاب كتاب منزل وشريعة إلهية.

- أنهم لم يتولوا الحكم بغير تربية خلقية وتزكية نفس.

- أنهم لم يكونوا خدمة جنس ورسل شعب أو وطن، وإنما كانوا للبشرية كلها.

- أنهم جسم ورح وقلب وعقل وعواطف وجوارح تسعد بهم البشرية متى نمت هذه الجوانب كلها نموًا متناسقًا، فكانت تتمثل فيهم الإنسانية بجميع جوانبها فكانت دور الخلافة الراشدة مثلاً للمدينة الصالحة، ثم كانت الفتوحات الإسلامية بتأثيراتها في البشرية، والتي سعدت في ظلها كل البشرية وتغيرت طباع الناس ونفوسهم وأخلاقهم وتأثرت بالإسلام، ثم عرض المؤلف لمقتطفات من مؤلفات كتَّاب غير مسلمين يعترفون فيها بفضل الإسلام في إسعاد البشرية في جميع نواحي الحياة الخلقية والعلمية والدينية وغيرها.

 

* الفصل الثاني: الانحطاط في الحياة الإسلامية وعرض فيه المؤلف لأسباب نهضة الأمة الإسلامية وشروط زعامتها وجمعها في صفتين هما الجهاد وهو بذل الوسع وغاية الجهد لنيل أكبر مطلوب، والاجتهاد، وهو أن يكون قائد المسلمين قادرًا على القضاء الصحيح في النوازل والحوادث والمسائل التي تُفاجِئ وتتجدد، وأن يكون عنده من الذكاء والنشاط والجد والعلم ما يستخدم به ما خلق الله في هذا الكون من قوى لمصلحة الإسلام والبشرية.

 

- ثم عرض المؤلف أن هذه القيادة تولاها رجال لم تكن فيهم هذه الصفات فظهرت أسباب انحطاط الأمة، والتي من أهمها فصل الدين عن السياسة وظهور النزعات السياسية في رجال الحكومة وانتشارالضلالات والبدع ثم دلل على أن توفر الصفات المطلوبة في القائد ترفع شأن الأمة بحال "صلاح الدين الأيوبي"، ثم فقر القيادة في العالم الإسلامي بعد "صلاح الدين" وانهيار صرح القوة الإسلامية.

 

* الفصل الثالث: دور القيادة العثمانية: وفيه عرض المؤلف تفوق "محمد الفاتح" في فن الحرب واستخدامه لآلات الحرب التي لم يكن يعرفها الغرب والشرق، وتفرد الشعب التركي بمزايا استحق بها زعامة المسلمين ثم عرض إلى انحطاط الأتراك في الأخلاق وجمودهم في العلم وصناعة الحرب، وهي الأسباب التي أدَّت إلى ضعف الدولة الإسلامية والقضاء على الخلافة العثمانية.

 

الباب الرابع: وموضوعه العصر الأوروبي:

 

* الفصل الأول: أوروبا المادية، عرض المؤلف في هذا الفصل طبيعة الحضارة الغربية وتاريخها الذي يرجع إلى آلاف السنين، حيث خلفت الحضارة اليونانية والتي من أهم خصائصها الإيمان بالمحسوس وقلة التقدير لما لا يقع تحت الحس، وقلة الدين والخشوع وشدة الاعتناء بالحياة الدنيا والاهتمام الزائد بمنافعها ولذائذها والنزعة الوطنية، والحضارة الرومية التي خلفت الحضارة اليونانية والتي لم يكن للدين تأثير في أخلاق الأمة وسياستها، ثم كان الانحطاط الخلقي في الحضارة الرومية نتيجةً للرهبنة التي لم تستطع كبح جماح المادية الطاغية، فكان الفساد في المراكز الدينية، وتنافست البابوية والإمبراطورية وشقيت أوروبا برجال الدين، واضطهدت الكنيسة العلم والعلماء؛ مما جعل حربًا تقوم ضد رجال الدين، واتجه الغرب إلى المادية فكانت ديانتهم اليوم المادية لا النصرانية، ثم عرض المؤلف لمظاهر الطبيعة المادية في أوروبا والنظريات العلمية وتأثيرها في الأفكار والحضارة.

 

*الفصل الثاني: القومية والوطنية في أوروبا: بيَّن فيه المؤلف قوة العصبية القومية والوطنية عند الأوروبيين، وأن سبب ذلك انكسار الكنيسة وقيام الحروب على الفكرة القومية، وقد نقل الأوربيون هذه الأفكار إلى الأقطار الإسلامية والعربية واستشهد في ذلك بكثير من المؤلفات الغربية.

 

*الفصل الثالث: وموضوعه أوروبا إلى الانتحار، وعرض فيه المؤلف عصر الاكتشاف والاختراع، وغاية هذه الاختراعات وتفوق القوة على الدين والأخلاق؛ مما جعل هذه المخترعات سببًا في شقاء البشرية، ولم تزدهم هذه العلوم والمخترعات إلا ضررًا، ودلل على ذلك بالقنبلة الذرية وفظائعها، وأن هناك اختراعات أخرى ستكون أكثر ضررًا للبشرية.

 

*الفصل الرابع: وموضوعه رزايا الإنسانية المعنوية في عهد الاستعمار الأوروبي عرض فيه المؤلف أهم هذه الرزايا وهي بطلان الحاسة الدينية وزوال العاطفة الدينية، وعرض المؤلف لمواقف من وجود الحاسة الدينية والعاطفة الدينية عند المسلمين وانعدامها عند الأوربيين

 

الباب الخامس: قيادة الإسلام للعالم، ويتضمن فصلين:

 

*الفصل الأول: نهضة العالم الإسلامي عرض فيه المؤلف اتجاه العالم بأسره إلى الجاهلية لقيادة أوروبا وأمريكا للعالم إلى المادية الطاغية، ولم يكن لهذه الأزمة العالمية من حل إلا في الاتجاه إلى الإسلام وزعامة الأمة الإسلامية للعالم، ورغم ما أُصيب به المسلمون من علات إلا أنهم موئل الإنسانية وأمة المستقبل، وهذا بشهادة مفكريهم وبيقين وعقيدة المسلمين الأوائل، الذين قال أحدهم لملك الفرس لقد بعثا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وتنبعث نهضة العالم الإسلامي ويؤدي رسالته بالروح والقوة المعنوية التي تزداد فيها أوروبا إفلاسًا كل يوم، وبالاستهانة بالحياة والعزوف عن الشهوات والشوق إلى الشهادة والحنين إلى الجنة، والاستعداد التام في العلوم والصناعة والتجارة وفن الحرب، وأن تستغنى عن الغرب في كل مرافق الحياة، والاستعداد العلمي والفكري والنتظيم العلمي الجديد بما يوافق روحه ورسالته والاستقلال التعليمي.

 

*الفصل الثاني: زعامة العالم العربي، حيث الوطن العربي له أهمية كبيرة في خريطة العالم السياسة؛ وذلك لأنه وطنُ أُمم لعبت أكبر دور في تاريخ الإنسانية، ورسول الله محمد- صلى الله عليه وسلم- روح العالم العربي، والإيمان هو قوة العالم العربي، وكان شباب العرب بتضحياتهم الأولى قنطرة لإسعاد البشرية، ثم عرض المؤلف لخصائص العرب الذين يجب أن يكونوا زعماء العالم منها العناية بالحياة العسكرية، ومحاربة التبذير والفروق الهائلة بين الغني والفقير، والتخلص من أنواع الأثرة والأنانية وإيجاد الوعي في الأمة واستقلالها في تجارتها وماليتها.

إن الطريق إلى قيادة العالم ممهدة ميسورة للعرب، وهي الطريق التي جربوها في عهدهم الأول، وكان من صفاتهم الإخلاص للدعوة الإسلامية واحتضانها والتفاني في سبيلها وتفضيل منهج الحياة الإسلامي على جميع مناهج الحياة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحمك الله صاحبي ورفيقي

  رحمك الله صاحبي ورفيقي وان شطت بنا الديار وباعدتنا الغربة اجسادنا ولم تتفارق قلوبنا يوما... نشأنا مع بعض في نفس المدينة في طبرق وكانت اول ...