إن ما يحدث الآن في بلادنا
علاجه في تطبيق قول الله تعالى عز وجل:” وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا
الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ” سورة الحجرات: 9 – 10.
فالقتال في ليبيا بين
مسلمين، ففي هذه الآية الكريمة بيان للتعاليم الربانية التي على المسلمين الالتزام
بها:
1. "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"؛
فقد أثبت سبحانه وتعالى صفة الإيمان للمسلمين المتقاتلين، ولم ينزع عنهم صفة الإيمان
بسبب القتال. فمحاولة إخراج طائفة من الإسلام في الحملات الإعلامية الظالمة وتأجيج
خطاب الكراهية مخالف لمنهج القرآن الكريم وكلام الله عز وجل.
2. "اقْتَتَلُوا"؛ عند اندلاع القتال بين المسلمين
أمر الله بالعمل على إيقافه بالسعي إلى الإصلاح.
3. "فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا"؛ هو خطاب لطاقات
وإمكانات الشعب المسلم، فهو خطاب لكل الشعب المسلم لتوجيه إمكاناته وطاقاته لتحقيق
الصلح من خلال:
- علماء الشريعة وفقهاء الإسلام
- القيادات السياسية
- القيادة العسكرية والأمنية
- القيادة الثقافية والفكرية
- القيادة الاجتماعية.
- وغيرهم من أهل الحل والعقد من أبناء الشعب الليبي،
وعليهم جميعاً العمل على إيقاف القتال.
4. "فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى"؛
بغزوها لبلد أو قوم آمنين، واعتدائها على دمائهم وممتلكاتهم وأموالهم وأعراضهم، وإدخال
الفزع على قلوب نسائهم وأطفالهم وشيوخهم، وكل ما يحدث من اعتداء ظالم على أيّ مدينة
من المدن أو قرية من القرى أو تجمع من التجمعات الأمنة المستقرة سواء في الشمال أو
الجنوب أو الشرق أو الغرب.
5. "فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي"؛ الرد على
الاعتداء الآثم ومناصرة المستضعفين، والذين وقع عليهم الغدر والإجرام والاعتداء من
السكان الآمنين، والعمل على قتال الفئة الباغية الظالمة الجائرة حتى ترجع إلى أمر الله.
6. "حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ"؛
أيّ إلى طريق الحق والعدل والاستجابة لصوت الصلح وحقن الدماء والامتناع عن الاعتداء
وغير ذلك.
7. "فَإِنْ فَاءَتْ"؛ أي رجعت عن جورها وظلمها
واعتدائِها.
8. "فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَ"؛ فالخطاب موجه
للقادة السياسيين وزعماء القبائل والجهويات والأكاديميين والقادة الأمنيين ومنظمات
المجتمع المدني والنخب والإعلاميين ورجال الأعمال وكل من له دور في تحقيق مقصد الصلح
وحقن الدماء.
9. "بِالْعَدْلِ"؛ أي على المسلمين أن يجتهدوا
في إصلاح ذات البين على أسس العدل وقيم القسط، وللمؤسسة القضائية دور مسؤول وكبير في
إقامة العدل.
10.
"وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"؛ ترغيباً من الله لنا في الوصول لمحبة
الله عز وجل، والفرق بين العدل والقسط هو أن القسط عدل مع مراعاة مشاعر المهزوم وأحاسيس
المكلوم والمصاب في هذا القتال، فهي إشارة ربانية لمعاملتهم بأحاسيس إنسانية رفيعة
يتقرب بها إلى الله عز وجل للوصول إلى مقام محبة الله لهؤلاء العباد الذين يلتزمون
في تحقيق القيم الإنسانية في حياتهم "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".
فلا بد من مصالحة وطنية تقوم على أساس العدل والقسط مقاليدها بأيدي زعماء وطنيين حقيقيين
وصادقين.
11. "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ"؛ فحرك الله عز وجل العواطف الأخوية المتبلدة والمشاعر القاسية
بسبب الحرب والدماء والقتل في أعماق النفس البشرية والفطرة الإنسانية، مذكراً إياها
بمعاني الأخوة الخالدة غي عقيدتنا وديننا. وقد اجتمعت بين الشعب الليبي ثلاثة أنواع
مشتركة من الأخوة:
- الأخوة الإنسانية
- أخوة الوطن
- أخوة الإيمان بالله.
وأقواها وأعظمها أخوة
الإيمان بالله: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"؛ لكي تتغير النفوس من
أعماقها نحو قيم التسامح والأمن والسلم والصفح والعدل، ونتجاوز مرحلة القتال بالبعد
الإيماني الأخوي الذي يتقرب به العبد المؤمن إلى خالقه جل في علاه.
وبسلطان الدولة في قيام
العدل على الجميع والترغيب بالعفو والصفح لمن أراد أن يتقرب إلى الله بذلك.
12. "
وَاتَّقُوا اللَّهَ"؛
اتقوا الله يا قيادات الشعب... يا ليبيين، بأن تجعلوا بينكم وبين الله سبحانه وقاية
من سخطه وعقابه وعضبه، وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
- اتقوا الله في امتثال أوامر الله بالسعي للإصلاح
- اتقوا الله في امتثال أوامر الله في قتال البغاة
حتى يفيئوا إلى أمر الله.
- اتقوا الله في امتثال أوامر الله في إقامة العدل
- اتقوا الله في امتثال أوامر الله في إقامة القسط
- اتقوا الله في امتثال أوامر الله في تحقيق الأخوة
الإيمانية.
- اتقوا الله في امتثال أوامر الله في الابتعاد
عن النواهي، مثل التنابز بالألقاب، فلا "أزلام ولا جرذان ولا حوافز ولا خوارج
ولا قرامطة ولا طحالب ولا قهويين..."، وكذلك الابتعاد عن الإسراف في الأقوال البذيئة
والأعمال الظالمة والفاسدة والإجرامية.
13. "لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"؛ إذا استجبتم
وطبقتم أوامر الله كما وردت كتابه العزيز تأتي رحمته سبحانه وتعالى.
- يرحمكم الله في دينكم
- يرحمكم الله في حياتكم السياسية
- يرحمكم الله في حياتكم الاقتصادية
- يرحمكم الله في حياتكم الاجتماعية
- يرحمكم الله في حياتكم الأمنية.
ومن رحمة الله إعانتكم
على بناء دولتكم المدنية التي تدفع المفاسد وتجلب المصالح لشعبها والإنسانية.
علي محمد الصلابي
27/6/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق