الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

سالم الزائدي : صراع فكر و بناء وطن

واقعنا اليوم وفكرنا المتجدد هو ضمن موضوعنا لهذا المقال فمشكلتنا اليوم تدخل في نطاق الصراع الفكري بين أطياف المجتمع و تتطلب شروحاً لا أريد الولوج إليها في هذا المقال ، ولكن علينا الخوض في بعض المسائل :- 

أولها : أن نبدأ بدراسة للواقع الليبي بفكر موضوعي و التعبير عنه من خلال مشاركات فعالة تفضي إلى نتائج ملموسة ، لان المسافة بعيدة بين العلم و الضمير في بلادنا ، و أرى أن العلم بغير ضمير ليس إلا خراب لروح ، و من هنا نُذكر من الآن فصاعداً على " رئيس البلاد القادم " ورئيس الحكومة المؤقتة أن يتحرر من عقدة السلطة وينظر إلى علم الاستقلال و ثورة 17 فبراير من زاوية الواجبات توضع على كاهل كل فرد ، ويَحذر من نظرته لها من زاوية الحقوق تمنح لشخصه أو يمنحها لنفسه أو لحاشيته ، فالحقوق كثيراً ما تتداول في بلادنا، فما أغراها من كلمة يجتذب إليها الإنتفاعيين ، بينما كلمة الواجبات لا تجتذب غير النافعين الوطنيين .. مع العلم .. أن كلمة الواجب على الصعيد السياسي توحد وتؤلف ، بينما كلمة الحقوق تفرق و تمزق . 

ثانياً : دعونا نتشارك ونعمل على تصعيد وتيرة الوعي في المجتمع و التركيز على تصفية الرواسب القذافية في العقول قبل كل شئ ويكون ذلك بالتزامن مع مرحلة البناء الكامل، وهذا يتطلب منا دعم مفهوم الثقافة و مفهوم الحضارة ، بمعنى كيف نفهم معنى الثقافة و نطبقها في حياتنا ؟ وكيف نبني حضارة تكون نبراساً لشعبنا و بلادنا ، لان الثقافة والحضارة والحضارة لا تتحقق بمجرد القيام بالثورة و إعلان التحرير و إصدار دستور بل يتطلب منا الحرص على إدراجه في منهج تربوي يهدي إلى تقويم جديد في ضمير كل مواطن ليبي. 

ثالثا ً نتكلم عن العلم كما أسلفنا فى بداية المقال ، كثير من أصحاب القرار يرى في الشهادة العلمية معيار لريادة مؤسسة ما أو منصب .. ولكن هذا المعيار لوحده قد أخفق كثيراً في السابق و الآن أيضاً عند البعض ، لذلك أقول إن العلم الذي لا تصحبه كفاءة و أمانة وطنية ولا يترجمه عمل ، يظل ترفاً لا مكان له في وطن ما يزال فقيراً في الوسائل و الأطر ، إذن من هنا علينا أن نهتم و ندرس معنى و مفهوم الفعالية و على الأخص في مجال التسيير ووسائله ( الإداءة و الدولة ). 

اليوم بعد تحرير البلاد نريد أن نحارب الجهل من خلال واقعنا و حالنا ، حيث إننا إمام مشكلتين .. مشكلة موروثة من عهود سابقة حاولت تدمير بلادنا والمشكلة الثانية كيفية معالجة السلبيات فى ظل دولة المؤسسات والدستور إلى سوف تنشى ، فالعهد الجديد يتأسس تحت إشراف دولة بشرط أن لا يكون مجرد إعلان للسيادة الوطنية إعلاناً مسجلاً في السطور الأولى من الدستور ، بل يكون إداءة لتنمية هذه السيادة ، لأن إعلان السيادة تحقق من أول قطرة دم شهيد في تحرير البلاد . 

رابعا ً نتحدث عن التنمية ولاشك إن تحقيقها يتطلب الكثير من العمل منا ، إنها تتطلب عرق الأحياء في عملهم المشترك من أجل مواصلة الكفاح و الذي سوف ينقلنا من مقتضيات التحرير إلى متطلبات البناء .. فالدولة تصنع نفسها بما تنجز من أعمال . 

والسؤال العام الذي يطرح نفسه الآن – ماذا علينا أن نفعل لمعالجة 42 سنة عجاف ؟ 

أسأل هذا السؤال لأننا لا نريد الحداثة الراهنة في مجتمعنا دون التأمل في خطوطها العريضة ، فالمرحلة القادمة هي الجهاد الأكبر الذي يتطلب منا العمل و الصبر والتخطيط المُمنهج في بناء التنمية المستدامة 

أواصل النداء لأصحاب القرار في هذه المرحلة وبمشاركة المجتمع المدني والإعلام بكافة وسائله ، علينا جميعاً الاهتمام والتركيز على المواطن فى الداخل ، فهي دعوة لكي نتأمل واقعنا الثقافي وتراثنا ورصيدنا التاريخي الفاعل والمؤثر من خلال السعي لتلوين أفكارنا و توحيدها وفق ما يؤهل مجتمعنا على مختلف شرائحه العمرية حتى لا يصبح مجال أفكارنا مساحة صامتة . 

أملي أن نزيد و نكرس رابطة التعاون بين الخيرين في بلادنا للقيام بمسؤولياتهم و المساهمة في بناء الوطن و المواطن وخاصةً في هذه المرحلة ، فالشمس لا تملأ النهار في أخره كما تملأه في أوله ، وعلمنا أن النفس البشرية يلزمها قدر معين من التوتر لكي توجد الفعالية و الحيوية و الحركة ، وهذا ما بدأ واضحا ً للعيان من خلال الحراك الثقافي والزخم الهائل للمعلوماتية الذي أصبح يتأسس للخروج من بوتقة الفكر القذافى . 

سالم الزائدي
salemelzadiy@yahoo.co.uk 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحمك الله صاحبي ورفيقي

  رحمك الله صاحبي ورفيقي وان شطت بنا الديار وباعدتنا الغربة اجسادنا ولم تتفارق قلوبنا يوما... نشأنا مع بعض في نفس المدينة في طبرق وكانت اول ...