واقعنا اليوم وفكرنا المتجدد هو ضمن موضوعنا لهذا المقال فمشكلتنا اليوم تدخل في نطاق الصراع الفكري بين أطياف المجتمع و تتطلب شروحاً لا أريد الولوج إليها في هذا المقال ، ولكن علينا الخوض في بعض المسائل :-
أولها : أن نبدأ بدراسة للواقع الليبي بفكر موضوعي و التعبير عنه من خلال مشاركات فعالة تفضي إلى نتائج ملموسة ، لان المسافة بعيدة بين العلم و الضمير في بلادنا ، و أرى أن العلم بغير ضمير ليس إلا خراب لروح ، و من هنا نُذكر من الآن فصاعداً على " رئيس البلاد القادم " ورئيس الحكومة المؤقتة أن يتحرر من عقدة السلطة وينظر إلى علم الاستقلال و ثورة 17 فبراير من زاوية الواجبات توضع على كاهل كل فرد ، ويَحذر من نظرته لها من زاوية الحقوق تمنح لشخصه أو يمنحها لنفسه أو لحاشيته ، فالحقوق كثيراً ما تتداول في بلادنا، فما أغراها من كلمة يجتذب إليها الإنتفاعيين ، بينما كلمة الواجبات لا تجتذب غير النافعين الوطنيين .. مع العلم .. أن كلمة الواجب على الصعيد السياسي توحد وتؤلف ، بينما كلمة الحقوق تفرق و تمزق .
ثانياً : دعونا نتشارك ونعمل على تصعيد وتيرة الوعي في المجتمع و التركيز على تصفية الرواسب القذافية في العقول قبل كل شئ ويكون ذلك بالتزامن مع مرحلة البناء الكامل، وهذا يتطلب منا دعم مفهوم الثقافة و مفهوم الحضارة ، بمعنى كيف نفهم معنى الثقافة و نطبقها في حياتنا ؟ وكيف نبني حضارة تكون نبراساً لشعبنا و بلادنا ، لان الثقافة والحضارة والحضارة لا تتحقق بمجرد القيام بالثورة و إعلان التحرير و إصدار دستور بل يتطلب منا الحرص على إدراجه في منهج تربوي يهدي إلى تقويم جديد في ضمير كل مواطن ليبي.
ثالثا ً نتكلم عن العلم كما أسلفنا فى بداية المقال ، كثير من أصحاب القرار يرى في الشهادة العلمية معيار لريادة مؤسسة ما أو منصب .. ولكن هذا المعيار لوحده قد أخفق كثيراً في السابق و الآن أيضاً عند البعض ، لذلك أقول إن العلم الذي لا تصحبه كفاءة و أمانة وطنية ولا يترجمه عمل ، يظل ترفاً لا مكان له في وطن ما يزال فقيراً في الوسائل و الأطر ، إذن من هنا علينا أن نهتم و ندرس معنى و مفهوم الفعالية و على الأخص في مجال التسيير ووسائله ( الإداءة و الدولة ).
اليوم بعد تحرير البلاد نريد أن نحارب الجهل من خلال واقعنا و حالنا ، حيث إننا إمام مشكلتين .. مشكلة موروثة من عهود سابقة حاولت تدمير بلادنا والمشكلة الثانية كيفية معالجة السلبيات فى ظل دولة المؤسسات والدستور إلى سوف تنشى ، فالعهد الجديد يتأسس تحت إشراف دولة بشرط أن لا يكون مجرد إعلان للسيادة الوطنية إعلاناً مسجلاً في السطور الأولى من الدستور ، بل يكون إداءة لتنمية هذه السيادة ، لأن إعلان السيادة تحقق من أول قطرة دم شهيد في تحرير البلاد .
رابعا ً نتحدث عن التنمية ولاشك إن تحقيقها يتطلب الكثير من العمل منا ، إنها تتطلب عرق الأحياء في عملهم المشترك من أجل مواصلة الكفاح و الذي سوف ينقلنا من مقتضيات التحرير إلى متطلبات البناء .. فالدولة تصنع نفسها بما تنجز من أعمال .
والسؤال العام الذي يطرح نفسه الآن – ماذا علينا أن نفعل لمعالجة 42 سنة عجاف ؟
أسأل هذا السؤال لأننا لا نريد الحداثة الراهنة في مجتمعنا دون التأمل في خطوطها العريضة ، فالمرحلة القادمة هي الجهاد الأكبر الذي يتطلب منا العمل و الصبر والتخطيط المُمنهج في بناء التنمية المستدامة
أواصل النداء لأصحاب القرار في هذه المرحلة وبمشاركة المجتمع المدني والإعلام بكافة وسائله ، علينا جميعاً الاهتمام والتركيز على المواطن فى الداخل ، فهي دعوة لكي نتأمل واقعنا الثقافي وتراثنا ورصيدنا التاريخي الفاعل والمؤثر من خلال السعي لتلوين أفكارنا و توحيدها وفق ما يؤهل مجتمعنا على مختلف شرائحه العمرية حتى لا يصبح مجال أفكارنا مساحة صامتة .
أملي أن نزيد و نكرس رابطة التعاون بين الخيرين في بلادنا للقيام بمسؤولياتهم و المساهمة في بناء الوطن و المواطن وخاصةً في هذه المرحلة ، فالشمس لا تملأ النهار في أخره كما تملأه في أوله ، وعلمنا أن النفس البشرية يلزمها قدر معين من التوتر لكي توجد الفعالية و الحيوية و الحركة ، وهذا ما بدأ واضحا ً للعيان من خلال الحراك الثقافي والزخم الهائل للمعلوماتية الذي أصبح يتأسس للخروج من بوتقة الفكر القذافى .
سالم الزائدي
salemelzadiy@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق