بعد حمدنا وشكرنا لله عز وجل
وإعتزازنا بثوارنا الأشاوش علي جبهات القتال, لايملك المرء الا أن يشكرا كل الشعوب
التى وقفت مع شعبنا الليبي المظلوم, وأن يشكركل
دول التحالف الدولي التي ناصرت قضيتنا وحمت أهلنا الابرياء من آليات القتل
والدمارالتي كان يستخدمها الشريرالقدافي وعصابته ومرتزقته. وأنا علي يقين بأن شعبنا
الكريم لايمكن أن ينسى أويتجاهل الدور القيادي والريادي للآمم المتحدة وإنحيازها
للحق بوقوفها مع ثورة شعبنا المجيدة وقضيتنا العادلة.
واليوم هاهو شعبنا يتحرر من حكم
الطاغوت وهاهو المجتمع الدولى يقف – مرة آخري - علي مفترق الطريق: هل سيستمر في مساعدة شعببنا لتقرير مصيره بنفسه وإختيار
نوع الحكم الدي يريده؟ أم سيتركه عُرضة لصراعات ومصالح الدول الكبري وخصوصا التى ساعدته
خلال حرب التحريرمثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا؟. وهل سيُسمح لهده
الدول بإبتزازه وفرض إملاءاتها عليه؟ بمعني آخر ماهو الدور القادم للمجتمع الدولي
في تقرير مستقبل ليبيا بعد تحريرها ومساعدة شعبنا - في هذه المرحلة الإنتقالية –
علي بناء دولته الدستورية الثانية؟
وفي الوقت الدي لا نستطيع إنكار وجود
ضغوطات خارجية - وفي كل الاتجاهات - من كل الدول التى لها مصالح في ليبيا وحتى من الدول التى لم تقف - للأسف - مع
شعبنا في محنته مثل الصين وروسيا وفنزوالا والهند والجزائر, الا انه يجب علي مجلسنا
الوطني الانتقالي وأعضاء لجنته التنفيدية التأكيد - في هذه المرحلة الحرجة لكل من
يريد أن يُساعد شعبنا ويتعامل مع دولتنا الجديدة باننا لن نسمح لأي دولة بالتدخل
في شؤوننا الداخلية مهما كانت هذه الدولة (عربية أوإسلامية أوغيرها), ومهما قدمت
لنا من مساعدات (مباشرة اوغير مباشرة). وليعلم الجميع ان ما يهم شعبنا وما ضحى من
اجله شبابنا ونساءنا ورجالنا الأشاوس هو - أولا وقبل كل شىء - تحقيق مصالحنا
الوطنية العليا التى لعل من أهمها: الاستقلال والسيادة والوحدة والاستقرار والعدالة.
ومن هدا المنطلق لابد علي مجلسنا
الانتقالي المؤقر ولجنته التنفيدية التاكيد للمجتمع الدولي وخصوصا دول التحالف
التى وقفت مشكورة
مع شعبنا في محنته بأن مهمتهم قد انتهت. هذه المهمة التى عرفها وحددها قرارالامم
المتحدة رقم 1973 والتي تضمنت ثلاث اهداف رئيسية هى: فرض
منطقة حظر جوى وحظر الاسلحة علي حكم القدافي واتخاذ جميع التدابير والإجراءات
اللازمة للمساعدة في حماية المدنيين الأبرياء من هجمات قوات القذافى. وفي الوقت الدي يشكرفيه شعبنا ويقدر
مناصرة هده الدول له الا انه لن يسمح باستخدم هده القرار كدريعه للتدخل في المرحلة
الإنتقالية ولا بالسماح لبعض الدول بتحقيق مصالحها الخاصة بها علي حساب مصالح
الوطن. وعليه فإن شعبنا سيرفض كل التدخلات والإملاءات الخارجية مهما كانت ومن أي
مكان أتت. ولعل من أهم ما يجب التأكيدعليه هنا وتدكير مجلسنا الوطني الانتقالي ولجنته
التنفيدية به هو الآتي:
أولا: رفض
التصريحات الغير مسؤولة للمسؤولين الدوليين وخصوصا المتعلقة بشؤون
دولتنا الداخلية. إد ليس من حق الامم المتحدة ان تقرر لشعبنا كيف يجب ان تدار
المرحلة الإنتقالية في ليبيا. فعلي سبيل المثال كان لابد من مطالبة السيد بان
مارتن موفد الامم المتحدة بعدم التدخل في كيف سيُديِر شعبنا مرحلته الانتقالية.
فقد صرح السيد يان مارتن ان مهلة الاشهر الثمانية – التى حددها المجلس الإنتقالي -
لن تبدا الاعندما تعلن السلطات الجديدة السيطرة الكاملة علي البلاد, بالرغم من أن
السيد محمود جبريل رئيس اللجنة التنفيدية قد أعلن من الدوحة عاصمة قطر قبلها بيوم
– أي يوم 23 أغسطس 2011 - بأن "المرحلة
الانتقالية تبدأ فورا لبناء ليبيا الجديدة بعد سيطرة الثوار علي المقر العام لمعمر
القدافي في طرابس." فمن –
ياثرى - الذي دفع بالسيد جبريل لتغيير قراره الذي أعلنه؟
ثانيا: رفض إملاءات دول التحالف التى ناصرتنا. لعل من أهم هده الإيحاءت والاملاءلت ما أعلنه بعض أعضاء
مجلس الشيوخ الامريكي الذين زاروا عاصمتنا طرابلس بعد تحريرها. فما إن تحررت
عاصمتنا طرابلس حتى قام وفد من أربعة اعضاء من مجلس الشيوخ الجمهوريين برئاسة السيناتور
جون ماكين (من ولاية أريزونا) بزيارتها والقيام بإرسال مجموعة من الرسائل الدبلوماسية
لمجلسنا الوطني الانتقالي ولجنته التنفيدية لعل من أهمها (أ)
ما أدلي به السناتور ماركو روبيو (من ولاية فلوريدا) بأنه "... يتمنى ان يرى حكومة
موالية للولايات المتحدة تترسخ في شمال أفريقيا... وإن هناك بعض القلق حول الدور
الذي يمكن أن يضطلع به الاسلاميون.. ثم قال بأنه افضل شيء يمكننا القيام به هو تقديم المساعدة إلى الأشخاص الذين يحاولون تشكيل
حكومة في ليبيا..." كلام عجيب ورسائل واضحة ولكن الأعجب من كل ذلك إن مجلسنا
الانتقالي المؤقر ولجنته التنفيدية لم يدلي بأي تصريح في هدا الشأن وكأن الامر
لايعنيهم. ليس هدا فحسب بل إن رئيس الوفد السيناتور جون ماكين قد أعلن في المؤتمر الصحفي نفسه
إن الوفد قد أثار مع أعضاء المجلس الانتقالي "موضوع ملاحقة مرتكبي قضية تفجير طائرة بان اميركان
رحلة رقم 103 فوق لوكربي، اسكتلندا، والتى كان ضحيتها270 شخصا ، معظمهم من الأميركيين. وقال السيناتور
جون ماكين بأن الحكومة مستعدة للتعاون في هذا الشأن. والغريب في الامر ان هذه
القضية قد توصل فيها القدافي وزبانيته الي حل نهائي مع ضحايا هذه الطائرة عام 2003
ونتج عن هذا الحل إن قام القدافي بدفع مبلغ 10 مليون دولار أمريكي تعويض عن كل
شخص. ليس هذا فحسب بل ان السيد ماكين نفسه قد إعتبر هذه القضية مُنتهية وقام بوصف
القدافي علي انه أحد أقرب أصدقاء أمريكا وحلفاءها في الحرب علي الإرهاب. وفي عام
2009 قام السيد ماكين
بزيارة طرابلس كجزء من وفد آخر من الكونغرس. ووفقا لبرقية دبلوماسية سرية نشرتها
ويكيليكس، بان هدا الوفد (برئسة ماكين) قد إجتمع مع القذافي وإبنه المعتصم وناقشوا
في هذا الاجتماع جهود مكافحة الإرهاب الإسلامي في ليبيا وتعاونهم في تفكيك برنامج
ليبيا النووي. وان السيد ماكين قد وصف العلاقات العسكرية الثنائية في هدا الزيارة بأنها
قوية وتعهد بالمطالبة برفع الحصار علي ليبيا وبزيادة تسليح القدافي وتقويته كحليف
إستراتيجي في المنطقة -- فما الدي تغير اليوم؟ ولماذا تذكر السيناتور ماكين ضحايا
لوكربي الآن؟ وهل فعلا تعهد مجلسنا الوطني بالتعاون معه في هذا الشأن؟
ثالثا: رفض المرتزقة الدوليين وعدم
السماح لهم بالعمل في ليبيا: ما أقصده بالمرتزقة الدوليين هنا هم الشركات الامنية الدولية الساعيه لكسب
الربح بكل الوسائل عن طريق توفير ما يُعرف بالحماية في ميادين الحرب والمناطق التى
تسودها الفوصة. وقد إنتشرت هده الشركات في السنوات الاخيرة وخصوصا في هاييتى
وكوسفو وإفغانستان والعراق. وهاهم ممثلوا هده الشركات يقيمون هذه الايام بفنادق في
طرابلس يحاولوا ان يعقدوا صفقات مع كل من سيطلب خدماتهم من شركات النفط والسفارات
وبعثات المساعدات الانسانية ومشاريع الإعمار وغيرها. والجميل ان ماهو مفقود في الوضع الليبي اليوم هو غيب ظاهرة العنف تجاه الأجانب كما
كان سائدا في الدول الآخري. ان عمل هده الشركات يتوقف علي وجود بيئة عالية التهديد تسودها فوضي وإرهاب كما كان الحال في هايتتى والعراق وأفغانستان. وعليه لعله من المهم في هذا الشان أن نُذكر مجلسنا الوطني
الانتقالي ولجنته التنفيدية وأدعوهم الي ان يكون لهم مواقف علانية وواضحه تجاه
هؤلاء المرتزقة وان يقوموا بطرد ممثلي هده الشركات قبل ان تسعي – لا سامح الله – لزرع
الفتنة ومن تم تحقيق مآربها وأهدافها وذلك بإصطناع مناخ من الفوضي ونشر الخوف بين المواطنين
والاجانب والإيحاء لهم وللمجتمع الدولي بأن الوضع في ليبيا غير مستقر. وعلي مجلسنا الوطني أن يصدر في هذا
الشان قرار واضح ينص فيه علي منع التعامل مع هذه الشركات اومساعدتها, وان ينص أيضاعلي أن كل مسؤول يحاول في
هذه المرحلة إستغلال سلطته المؤقتة ويقوم بالتسهيل لهذه الشركات بالعمل سيعتبر ذلك بمرتبة الخيانة
العظمي للوطن وسوف تنفد فيه أقصى العقوبات.
رابعا: رفض كل
أنواع التمويل الخارجي للإفراد والجماعات تحت أي
دريعة واعتبار ذلك تدخل في الشؤون الداخلية لدولتنا الحديتة. بمعني علي
كل من من يريد (أفراد او جماعات) أن يزاول نشاطات سياسية اوإجتماعية أوثقافية الا
يعتمدوا في ذلك علي أي مصادر خارجية في الثمويل. وبمعني آخر لايجب ان يتم الدعم وكل
المساعدات الأجنبية الا من خلال مؤسسات الدولة الرسمية وبالاساليب العلنية
والمشروعة دوليا ليس الا.
خامسا: رفض إستغلال
المناصب القيادية للتخويف من عدم الإستقرار. ولعل خير مثال علي ذلك – وللإسف الشديد
- تصريحات الدكتور محمود جبريل علي الفضائيات وفي الصحف العربية. فمع أحترامي
الشديد للسيد الدكتور محمود جبريل كشخص الا ان تصريحاته الآخيرة للشرق الاوسط يوم
الثلاتاء 21 ذو القعدة 1432 ه الموافق 18 اكتوبر 2011 لايمكن وصفها الا
إنها مجرد تخمينات ورميا بالغيب ولا أساس لها من الصحة. بل أذهب وأقول حتى لو كانت
صحيحة فلا يجب التعاطي معها بهذا الاسلوب ولامن خلال هذه. إن قيام السيد الدكتور
جبريل بالتخويف بإيجاد مخطط للمخلوع القدفي للعودة إلى السلطة واستغلال الخلافات المحتدمة بين الثوار لهو أمرا غريب حقا. ولعل
الأغرب من ذلك ان يصدر هذا التخمين الغير علمي والتخويف الذي لا يخدم ثورتنا بإي
حال من الاحوال من رئيس المكتب التنفيذي لمجلسنا الوطني الانتقالي. والعجيب أيضا إن
السيد جبريل في هذه المقابله قد تحدتى علي خيارات القذافي وكأنه علي دراية بها!
يقول السيد جبريل في هذا الشأن إن القدافي "يعمل على عدة خيارات، منها إشاعة
عدم استقرار أي نظام جديد في ليبيا،أوأن يعلن دولة منفصلة في الجنوب تتم تسميتها
أي مسمى الطوارق، الجنوب، أفريقيا العظمى، دولة إسلامية." والحقيقة إن هذه التصريحات
غريبة وتدعو للعجب! ولعل الاسئلة المهمة هنا - لو سلمنا جدلا بصحة هذه المعلومات –
هي: كيف توصل الدكتور جبريل الي هذه المعلومات؟ وهل أعضاء مجلسنا الإنتفالي علي
دراية بها؟ وما الغرض من نشرها في هذا الوقت بالذات وفي صحافة عربية لامحلية؟ ومن هو المستفيد من نشر مثل هذه
المعلومات؟ وهل يُعقل أن تسمح دول الجوارلمجرم مثل القدافي مطلوب دوليا بإقامة دولة لإخواننا الطوارق
المنتشرين في أكثر من أربع دول أفريقية هي: مالي والنيجر وليبيا والجزائر؟ وان إقامة أخواننا الطوارق في وطنهم ليبيا تنحصر بدرجة
رئيسية في مدن غدامس ومرزق وغات, ولا أعتقد إنه من الحكمة ان تُقام لهم دولة علي
هذه المدن الثلاث؟ وإن العقلاء من أخواننا الطوارق يدركون بأنهم محتاجون لليبيا
وليبيا محتاجة لهم.
من كل ما تقدم وبإختصار شديد فأنا أدعو
مجلسنا الوطني الإنتقالي لرفض مثل هذه التصريحات والتأكيد للجميع بأن القدافي
ومرتزقته قد إنتهوا ولن يكون له مكان بإذن الله في ليبيا المستقبل. ولابد من
التأكيد للجميع بانه لاوجود لخلافات جوهرية بين ثوارنا الا في أذهان العجزة. وان
ليبيا لن تكون بإذن الله الا دولة واحدة متحدة ومستقرة.
الخاتمة لعله
من المناسب أن أختم هذا المقال بالتاكيد علي الآتي:
1. إن سيادة الوطن هي أمر
لا يجب المساس به أوالتنازل علي أي جزء من أجزائه. فالشعب الليبي لم يثور علي حكم القدافي وعصابته لكي يُسلم مصيره للآخرين مهما
قدموا لنا.
2. لابد علي الدول التي ساعدتنا مشكورة أن
يُدركوا بأنهم أتوا لنصرة شعبنا المظلوم وبإسم الدفاع علي حقوق الانسان وحماية
للمدنيين الابرياء. وعلي هذه الدول أن تعلم بان شعبنا الليبي علي أستعداد لتعويض كل من ساعدنا ووقف معنا وترجيع
كل دولار قاموا بصرفه علي شعبنا بشرط الا يتدخلوا في شؤوننا الداخلية.
3. علي الدول الاجنبية ودول الجوار
(وخصوصا النيجر وتشاد والجزائر) أن تعيء بان وحدة
التراب الليبي رقم لا يقبل
القسمة الاعلي نفسة وان المساس به يعتبر تدخل واضح وصريح في شؤوننا الداخلية. وإن
شعبنا البطل الذي واجه آليات الحرب والدمار للقدافي ومرتزقته لقادر علي الاستمرار
في مواجهة كل معتدي بإذن الله. وعلي هذه الدول التى تريد ان تزرع الفتنة بين أبناء
شعبنا بتوظيف إعلامها أوفتح حدودها لبقايا مرتزقة القدافي المخلوع بأنها لا تحترم
إرادة الشعوب ولا تلتزم بالأعراف والقوانين الدولية. وانا شعبنا الليبي في كل ربوع
الوطن سيواصل الجهاد حتى تحرير كل شبر في ليبيا مهما كلف الثمن وطالت الطريق.
4. نعم لا مكان للتطرف في ليبيا
ولكن لا نريد من الآخرين ان يُعرفوا لنا معني التطرف ولامعني الاعتدال ويجب والا
يتوقعوا منا أن نؤسس لهم دولتنا الحديتة
كما يريدون.
آخيرا قد يسأل سائل فيقول: مادا يريد شعبنا الليبي الآن من دول
التحالف ومن المجتمع الدولي؟ وفي هذا الصدد يمكن القول لعله من أفضل السبل التى
يمكن للمجتمع الدولي إستخدامها لمسادتنا في تأسيس دولتنا الدستورية الثانية هو: (أ) دعوة الدول للعب دور إيجابي وبنّاء ليتمكن شعبنا
من العودة السريعة للإستقرار والعمل الجاد من أجل بناء ليبيا الجديدة. (ب) دعوة المجتمع الدولي للمساهمة الجادة
والبنّاءة في إعادة إعمار البلاد. و(ج) دعوة
المجتمع الدولي لإلغاء قرارتجميد الاموال والأرصدة الليبية ومساعدة الشعب الليبي
علي ترجيع أمواله في الخارج وإعطاءه الحق ان يقرر كيف وأين
ومتى تصرف هذه الاموال.
لا تنسوا يا أحباب بإن هذا مجرد راي
أعتقد إنه الصواب... فمن أتى برأي يختلف عنه إحترمناه... ومن أتى برأي أحسن منه
قبلناه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق