وسط مدينة غريان تحول البارحة (مساء الاربعاء 12 اكتوبر2011) الى ما
يشبه ساحة معركة.. رصاص من مختلف الاعيرة، كلاشنكوفات، مدافع 14.5، الخ. أطنان من
الدخائر استهلكت في الهواء، سيارت يتم قيادتها بجنون وهمجية، صياح وهرج ومرج بطريقة
غوغائية ومتخلفة الى اقصى الحدود،، وقد قادني الحظ العاثر الى المرور اثناء هذه
الهرجة عبر وسط المدينة من أجل توصيل احد الاصدقاء الذي يسكن هناك ولم اخرج بجلدي
من تلك المعمعة ألا بشق الانفس.
كل هذا من اجل أشاعة اعتقال الطاغية أبن الطاغية
المدعو بالمعتصم القذافي، وهو الخبر الذي تبين لاحقا انه لم يكن الا مسرحية هزلية
أخرى تضاف الى ما سبقها من مسرحيات سابقة.
على إفتراض ان الخبر كان صحيحا، فهل يستحق المعتوه المعتصم كل هذه الضجة
والهرجة؟ تم، الا توجد طرق اكثر تحضرا ومدنية لاظهار الفرحة والسرور؟
إطلاق الرصاص في الهواء والاستعراض بالاسلحة أمام المدنيين والاطفال
والنساء علامات واضحة على خفة العقل والسفاهة وانخفاض مستوى الثقافة والتفكير،
وهؤلاء الذين يقومون بمثل هذه الممارسات يحتاجون حقا الى التهزيب، وأيضا الى العقاب
الرادع، والمفروض ان يتم سحب الاسلحة منهم بشكل فوري. وتلك النماذج هم في الغالب من
المتسلقين والنائمين في بيوتهم وليسوا حتى ثوار حقيقون، فالثوار الحقيقون متواجدون
على الجبهات، وعندما يرجعون الى الاماكن الامنة فأنهم يحرصون أشد الحرص على إخفاء
كل مظاهر التسلح، بل إنهم يشعرون بنوع من الحرج عندما يتصادفون مع الناس وهم يحملون
سلاحهم.
ما حدث ليلة البارحة في وسط مدينة غريان من غوغائية وأطلاق للرصاص في
الهواء حدث أضعاف مضاعفة منه في طرابلس وبنغازي ومدن أخرى، فالحال من بعضه كما
يقولون، ومن الواضح ان كل مناطق هذا الوطن تمتلك نصيبها من ظاهرة خفة العقل
والطياشة.
الاخبار بدأت اليوم تتسرب عن أعداد الضحايا والاصابات التي وقعت بسبب
هذه الممارسات اللامسئولة، وللعلم فأن عدد القتلى بسبب الرصاص الطائش وسوء إستخدام
الاسلحة النارية في منطقة غريان وحدها وصل الى 5 حالات منذ تحرير مدينة غريان في
2011.08.13 ، من بينها احد الحالات المأساوية التي قُتلت اثناءها احدي الامهات
برصاصة طائشة من بندقية ابنها، ولا حول ولا قوة الا بالله.
لقد حان الوقت لوضع حد لهذه المهزلة، والمطلوب من الجميع ان يوضح لجماعة
العقول الخفيفة أن حمل السلاح وسط المدنيين والأستعراض وإطلاق الرصاص في الهواء
كلها ممارسات لا تمت الى الشجاعة أو الرجولة بأية صلات، بل هي ممارسات شاذة لا
يتورط فيها الا الفارغين وأصحاب العقول الخاوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق