ممالا شك فيه أن المسيرات السلمية التي قام بها الشعب الليبي في كل المدن كان هدفها المطالبة بحقوق مشروعة تتمثل في حقه أن يطالب بتغيير نظام الحكم الديكتاتوري الذي جثم على صدور الليبيين بقوة الحديد والنار طيلة 42 سنة وإستبداله بدولة ديموقرطية.. دولة الحريات و القانون . لقد قابل نظام القذافي ذلك بمواجهة عسكرية شديدة سقط فيها مئات القتلى والالاف الجرحى.. وأتبعها خروج القذافي وأبنه مهددين للشعب الليبي بتهديدات غاية في الخطورة والاجرام ملخصها إما أن تتوقفوا عن التظاهر وترجعوا لبيت الطاعة أو يتم قتلكم في كل مكان و ويتم استهداف النفط
ويتم تجويعكم وتقسيم البلاد ونشر الخوف وفعل كل شي.
لقد اختار الشعب الاستمرار في التعبير عن إرادته سلمياً وبدأ معها تنفيذ القذافي وابنه لما هددا به. وشهدت الاسابيع الثمانية الماضية ابشع حرب يشنها نظام حكم على شعبه الاعزل مستخدماً كافة أنواع الاسلحة بما فيها الاسلحة الثقيلة والطائرات. ولم يجد ابناء الشعب إلا أن يدافعوا عن أنفسهم, فتسلح بعض الشباب بما وجدوا من اسلحة خفيفة لحماية الاهالي .. وعندما تفاقم الامر وازدادت بشاعة الجريمة, تحرك المجتمع الدولي مطالباً القذافي بالتوقف عن حربه للمدنيين و بالرحيل لسقوط شرعيته في الحكم. وعند رفض القذافي للاستماع لهذا النداء , قرر المجتمع الدولي التدخل عسكرياً لحماية المدنيين ,حيث صدر قرار مجلس الامن 1973 بتنفيذ حظر جوي واستخدام كافة الاجراءات الضرورية الاخرى لحماية المدنيين. تبع ذلك , تشكيل قوة تحالف من عدة دول على رأسها أمريكا.. وبدأت تنفيذ عمليات ناجحة لتدمير الآلة العسكرية لنظام القذافي. ولم يطل الامر على قوات التحالف, حيث تنادت اصوات( اشدها تركيا) لجعل قيادة الحملة الدولية تحت حلف النيتو الذي استملها منذ اسبوعين..لاحظ فيها الليبيون والعالم تغير في أداء واسلوب الحملة الدولية بالمقارنةمع عمليات قوات التحالف من قبل..بل وصل الامر الى أن إتهم الثوار الليبيون الحلف بالتراخي بل وبتعمد عدم ضرب قوات القذافي .. الامر الذي نفاه الحلف متعذراً بحجج مختلفة.. وأنتهى المطاف اخيراً الى أن يصرح قائد حلف النيتو الى استحالة الحل العسكري واستحالة ان يحقق الثوار عسكريا ما يهدفون إليه من اسقاط نظام القذافي . مواقف الحلف هذه , وهذا التصريح جاء متزامناً مع حملةسياسية وإعلامية وصحفية تدعو الى حل المسألة الليبية سياسياً لاستحالة حلها عسكرياً.
الحل العسكري:
عند تناول جدوى الحل العسكري الان لحسم الثوار المعركة لصالحم, نجد أن هناك أسئلة تطرح نفسها بقوة وهي: هل فعلاً وصلت حرب الثوار مع القذافي حد اليأس أن يحقق الثوار هدفهم؟ وما هي أهداف او مصالح الاطراف التي تطرح هذه الحلول السياسية للازمةبديلاً للحل العسكري؟ وهل سيقبل الشعب الليبي بما يُطرح عليه من حلول سياسية؟
من جهتي اقول أن مواجهة الثوار للقذافي لم تصل حد اليأس ...وأن التلويح بأن الحرب وصلت طريق مسدود وأنها لن تحقق المراد منها غير واقعي وغير صائب ....وأن القول بأنه يجب على الشعب الليبي قبول هذه المبادرة او غيرها لحلحلة الازمة أمر غير مقبول للاسباب الآتية :
السبب الاول : أن الحرب لا زال عمرها قصير.. وقياساً بحروب التحرير التي حدثت في دول اخرى نجد أننا لا زلنا في أول الطريق.. ومن يريد أن يوحي بأن العمل العسكري لم يأت بنتيجة وأنه وصل لطريق مسدود, هي القوى والاطراف التي لم تر منذ البداية العمل العسكري ضد قوات القذافي أوهي من خططت لعدم إطالة أمد الحرب أوهي من رأت أن تُبقي على حالة لا غالب ولا مغلوب عسكرياً. هم اصناف عدة تقاطعت مصالحم عند هذا الامر, الذي يتلخص في ضربات جوية أولية تشل قوات القذافي وخاصة الجوية والدفاعات الجوية ثم جعل الحرب بين الطرفين تراوح عند حد معين, ومن تم التلويح بضرورة اللجؤ لحل سياسي,الذي هو كذلك مختلف في شكله والهدف منه بإختلاف أهداف و مصالح هذه الدول في ليبيا المستقبل.
لنأخذ تركيا مثلاً, سنجد أنها من البداية اظهرت إنحيازاً لنظام القذافي.. ظهر هذا جلياً في سكوتها وصمتها ( المخزي) عما يجري في ليبيا في الايام الاولى للمظاهرات.. من قتل للشباب العزل المتظاهرين, مستعملاً القذافي اسلحة مضادة للطائرات والدروع للقيام برش عشوائي كثيف خلف آالاف القتلي والجرحي, ومستعيناً بمرتزقة أفارقة ممن يوصوفون بأصحاب القبعات الصفر للقتل واقتحام البيوت والاغتصاب.. ناهيك عن الاعمال الاخرى من اختطاف الاف الشباب, الذين لا يعلم مصيرهم الى اليوم.
كنا نتوقع من تركيا الدولة المسلمة-التي ينادي الحزب الحاكم فيها بالديموقراطية وبإحترام حقوق الانسان منذ نشأته- أن يكون تعاطفها كبيراً من قضية الشعب الليبي الذي يريد أن يعبر عن إرادته في تغيير حكم استبدادي.. وان يكون هناك إستنكاراً لما يمارسه نظام القذافي من إجرام , وتأييداً لثورة الشعب الليبي تماماً كما هو موقفها من ثورة تونس مصر. ولكن الامر كان مختلفاً, ربما لتغير المصلحة والاستراتيجية عند الاتراك,تلك المصحلة المتمثلة في النفط والاستثمارات الضخمة في ليبيا التي عقد تها مع القذافي خلال السنوات الاخيرة.. ناهيك ربما عما وعدها به أخيراً من وعود عندما حاق الخطر به.
لم يرفع ارضوان عقيرته بالصراخ إلا عندما قرر المجتمع الدولي القيام بحظر جوي على ليبيا لمنع القذافي من الاستمرار في استعمال الطائرات في قصف المدن وقتل المدنيين تطبيقاً لقراري الامم المتحدة 1970 و 1973 والذي يخول الاخير كذلك إتخاذ كافة الاجراءات الضرورية لحماية المدنيين , الامر الذي ارعب القذافي وصديقه ارضوان. لقد استماتت تركيا في أن تحول قيادة الحملة الدولية العسكرية من قوات التحالف التي اظهرت قدرة وذقة فائقة في قصف ودك الاهداف العسكرية لنظام القذافي, وذلك بجعلها تحت قيادة حلف النيتو!! .
أما لماذا إصرار تركيا على هذا فيمكن معرفته من التغير في أداء الحملة الدولية والذي يصب بطريقة غير مباشرة في صالح نظام القذافي. لقد تعالت صيحات استنكار الشعب الليبي لبطء وتردد قوات الحلف في ضرب الاهداف رغم إمكانية ذلك عسكرياً.. وأزداد هذا الاستنكار أكثر عندما تكررت ( اخطاء النيتو) في قصف الثوار وسقوط قتلى!!
السبب الثاني: لم يستطع الثوار كذلك من حسم المعركة عسكرياً بسرعة يرجع لعامل التسليح, وفي هذا الصدد نشير الى الآتي:
1- عدم تمكن الثوار من الحصول على الاسلحة التي تجعلهم في حالة (شبه) توازن مع قوات القذافي. كتائب القذافي هي جيش دولة, بمعنى أنها تملك ترسانة قوية جدا من الاسلحة بكافة انواعها , وتملك دعماً لوجستياً ( مقدرات دولة) إضافة لكم ضخم من الدولارات التي يحتفظ بها القذافي داخل البلاد رغم تجميد اصوله المالية بالخارج.
2- الثوار واجهوا حملة غربية كبيرة في شأن تسليحهم.. إنها حملة تشكيك في هويتهم مرة.. أو أن هناك عناصر من القاعدة تقاتل معهم.. أو الخشية من المستقبل من أن تقع هذه الاسلحة بأيدي متطرفة ويحدث في ليبيا ما حدث في العراق!!.. والنتيجة تردد في عدم تسليح الثوار الذي يواجهون ترسانة القذافي بأسلحة خفيفة تقريباً الى هذا اوقت . في المقابل نجد استمرار القذافي في الحصول على السلاح والدعم اللوجستي سواء من اسرائيل ( السفينة التي وصلت في اول الحرب الى ميناء طرابلس وعليها العلم اليوناني, وربما من سوريا ) وكذلك ما يصل عبر الجزائر ودول افريقيا المجاورة. وفي هذا المقام, نقول للمجتمع الغربي: هل القذافي وأعوانه أقل خطراً على الانسان الليبي من القاعدة؟!.
3- عدم تسليح الثوارباسلحة لمواجهة الدبابات والدروع كان السبب الرئيسي في تأخر الثوار في زحفهم نحو الغرب, وفي عدم قدرة مدن الغرب على دحر قوات القذافي تماماً كما في مصراتة ومدن الجبل. أن هذا الامر يمكن الاستدلال عليه من أنه ما من مرة قامت فيها قوات التحالف ومن بعده حلف النيتو من ضرب آليات القذافي الثقيلة إلا وحقق الثوار نصراً على الارض وبسرعة وكفاءة عالية.
السبب الثالث: أمر اخر هو استفراد قوات القذافي ببعض مدن الغرب قليلة عدد السكان قليلة التسليح مثل الزاوية والزنتان وباقي مدن الجبل . فلو لم تكن هناك حالة حصار أمنية قوية وخانقة في طرابلس ومدن اخرى مثل ترهونة وبني وليد وزليطن لما استطاعت قوات القذافي أن تستفرد بهذه المدن الصغيرة.. ولكانت قوات القذافي في حالة تشتت وإرباك سيتأثر بها ميزان القتال حتى في المنطقة الشرقية. ذكرت هذا العامل لأنه يمكن أن يتحول الى صالح الثوار في المستقبل لو قامت احد هذه المدن المحاصرة بالانتفاض من جديد او قيام اعمال مسلحة فيها ..والتي ستكون طرابلس على الاغلب هي المرشحة لهذا قريباً.
السبب الرابع : الروح المعنوية العالية للثوار تجعلهم قادرين على مواصلة الحرب حتى يتحقق النصر . وكما ذكر احد الخبراء العسكريين فأنه لم يحدث في تاريخ الحروب أن جيش دولة استطاع أن ينتصر على قوات الثوار. لقد تجلت الروح المعنوية للثوار في ليبيا بصورة كبيرة,الامر الذي اشاد به كثير من المحللين العسكريين والسياسيين. يرى الدكتور عزمي بشارة أن الثوار يمكن أن يكسبوا المعركة لو أنهم ثبتوا على مبدأ الحسم العسكري واعتمدوا على أنفسهم, وسعوا على الحصول على السلاح الذي هو متوفر في العالم عند تجار السلاح بدون قيود او شروط .
خامساً: يبدو أن هناك (إرادة خفية ) لجعل الحرب تراوح في مكانها . فالعوامل التي ذكرناها في السبب الثاني والثالث اعلاه عملت على خلق هذه الحالة. وهناك عامل هام ساهم الى درجة كبيرة في هذا الشأن وهو حلف النيتو!!.
لقد عمل حلف النيتو على جعل الحرب تراوح في مكانها, وذلك عندما ترك قوات القذافي الثقيلة من دبابات وراجمات صورايخ ومدافع من أن تعمل بحرية على قصف ودك المدن..وبالتالي لم يحقق الثوار تقدما كبيراً في الحرب بل وصل الامر الى تقهقرهم وسقوط مدن حرروها.. وكأن القصد كان هو الوصول بالثوار لحالة اليأس من احراز أنتصارات ملموسة ..الامر الذي يمهد لطرح الحلول السياسية!!.
لقد حدث هذا بالفعل. لقد رأينا حملة من من تصريحات الساسةفي الغرب والعسكريين في الحلف ومن خلال اجهزة الأعلام والصحافة في الدول الغربية تتمحور حول الاتي:
1- عدم التعويل على حلف النيتو في التأثير كثيراً على مجريات الحرب على الارض وأن مهمته الاصلية تقتصرفقط على الحظر الجوي( طالبت بهذا تركيا بشدة منذ البداية) !
2- صعوبة أن يحسم الثوار الحرب لصالحهم وبالتالي اسقاط نظام القذافي.
3- التخوف من وجود اعضاء من القاعدة في ليبيا يحاربون مع الثوار.
4- التخوف من تسليح الثوار لعدم وضوح هويتهم, ولخشية أن تقع الاسلحة بيد عناصر من القاعدة في ليبيا.
في هذا الجو الذي( ربما) تم تهيئته لاي حل سياسي او دبلوماسي, ظهرت المبادرة التركية والافريقية..وغيرها من المبادرات.. و سأتناول بالتحليل هنا المبادرة التركية كنموذج لأحد هذه المبادرات ولأنها تتفق مع غيرها في عناصرها.. الأمر الذي يدعو الى الشك أن مصدرها واحد !! .
الحلول السياسية( المبادرة التركية نموذجاً لذلك ):
أريد أن ننبه الى أن المبادرة التركية لإيجاد حلي سياسي للأزمة هي هي نفسها ذات المبادرة التي نادى به رجب ارضوان في بداية الازمة, وتحديداًعندما بدأت قوات التحالف بعملها العسكري ضد نظام القذافي القمعي, يومها طرح أرضوان حل أن يتنحى القذافي عن الحكم ويسلم السلطة لحاكم يعينه القذافي, ولم يُعلن عمن يكون هذا الحاكم الجديد الذي نشك أنه سيف كما يرى ارضوان !. ذكر ارضوان يومها أنه إتصل منذ بداية الازمة بالقذافي اكثر من ثلاث مرات محاولاً اقناعه بهذا الحل. ولأن القذافي لا زال في بداية حرب الزنقة زنقة وقد لعبت سكرة الحرب براسه فلا يرى إلا حسماً عسكرياً بسحق الجردان وعودة الحال الى ما كان.. وبالتالي لم يستجب لمبادرة ارضوان.
تغير الحال على القذافي عسكرياً وسياسياً, نتيجة الضربات العسكرية ولحصول الانشقاقات التي حدثت في نظامه.. ونتيجة لصمود الثوار وتحقيقهم نجاحات سياسية كذلك.. عندها أرسل القذافي مبعوثه العبيدي لمقابلة ارضوان حاملاً اقتراح بحل سياسي للأزمة. نلاحظ هنا أن القذافي هو من بدأ اللجؤ للحل السياسي مما يدل على مدى الحال السيء الذي وصل إليها نظامه على جميع الاصعدة وهذا أمر يجب أن يفهمه اعضاء المجلس الانتقالي ممثلي الشعب الليبي.
سيتبين فيما بعد أن المبادرة الليبية التي حملها العبيدي هي ذاتها المبادرة التي يطرحها ارضوان اليوم وتقوم على اساس اقرار وقف فوري لاطلاق النار، واقامة (مجالات انسانية آمنة) لتقديم المساعدة للشعب الليبي واطلاق فوري لـ(عملية انتقال ديموقراطيواسعة) باتجاه (انتخابات حرة).
في رأيي أن كل محور من هذه المبادرة تكمن فيه مصلحة جدية محققة لنظام القذافي.. بل أن مجرد طرح مبادرة كهذه وقبول الطرف الاخر لها معناها أن القذافي سيكسب أولا إرجاع المشروعية التي اسقطها عنه الشعب الليبي واحرار العالم وبعض الدول الكبرى .وسيوقف من قصف حلف النيتو عليه, وكذلك وسيخفف عنه الضغوط الاخرى السياسية والاقتصادية ولو نسبياً.. وسيعمل القذافي في مناخ افضل لمحاولة الافلات من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية. وبإختصار, فإن المبادرات السياسية بشكلها هذا سيستفيذ منها النظام الليبي بدرجة لا توصف وسيتضرر منها الشعب الليبي بنفس القدر.
يجب أن نقرر هنا, أن الشعب الليبي لا يمكن أن يقبل بأي مبادرة ليس على رأسها شرط رحيل القذافي وأسرته .. لقد قال الشعب كلمته منذ اليوم الاول للتضاهرة وهو وجوب التغيير وأن يرحل القذافي وأسرته والدائرة المقربة منه. ولقد ازداد تمسك الشعب بهذا المطلب الذي لن يحيذ عنه ابدا.. بعد أن حارب القذافي الشعب الليبي زنقة زنقة بيت بيت شبر شبر مما ترتب عليه سقوط الاف القتلي والجرحي في مدن ليبيا.. وبعد استخدامه لكل الوسائل الوحشية والهمجية واللا أنسانية لقهر وتركيع الشعب الليبي من حصار للمدن ودكها بالدبابات والطائرت والمدافع وخطف الآف الشباب ومنهم نساء واطفال ومنع اسعاف الجرحى ومنع الغذاء والدواء للمدن المحاصرة الى غير ذلك من الجرائم المروعة التي شاهدها العالم بأسره مما جعل دول العالم الحر تطالب القذافي وعائلته بالرحيل فوراً وترك الشعب الليبي يبني دولته الحرة الديموقراطية.
ولنرجع لعناصر المبادرة ولفترض جدلاً أن الشعب الليبي قبل بمبادرة كهذه ولنأتي لمحور وقف اطلاق نار.. كما قلت أن وقف إطلاق النار سيوقف قصف الحلف عليه. ومن جهة اخرى نتساءل ونقول: كيف سيكون وقف اطلاق النار هذا؟ مثلاً إلى من ستؤول قيادةالقوات التي يتم سحبها ورجوعها للمعسكرات؟ وهل سيشمل وقف إطلاق النار اخراج الالاف المرتزقة من ليبيا والذين يُقدر عددهم ب 10 الالاف ؟ وهل سيشمل وقف الحرب ايضاً الحرب السرية الخطيرة التي تمارس في المدن المحاصرة؟! بمعنى وقف أعمال القتل والخطف والاعتقال واقتاحم البيوت والترويع والتعذيب التي تمارسها اللجان الثورية المسلحة والمرتزقة بلباس مدني ورجال المخابرات والملسحون المدنييون الذين تم تجنيدهم من نزلاء سجون وغيرهم من هذه الفئات الغير ظاهرة المنتشرون في كل مدينة وقرية بلباس مدني وسيارات غير عسكرية . في تقديري, لا يمكن أن يوافق القذافي على أن تسحب منه أو من أولاده قيادة الكتائب العسكرية ولا القوة الاخرى الخفية غير العسكرية, وسينكر تماماً وجود هذه الاخيرة أو أنها تقوم بأي عمل من هذا , وهذه مشكلة كبيرة.. سيعني هذا أن الشعب لا زال اعزلاً أمام قوة نظام مسلح لا عهد عنده ولا التزام بأي قيم اخلاقية. وسيتمكن القذافي أو أولاده في أي لحظة إرجاع الشعب الليبي الى حالة ما قبل 17 فبراير بل أسوأ من ذلك طالما لا زالت بأيديهم هذه القوات.
هناك أمر أخر افترض تصوره , وهو أنه ربما يكون من اهداف القذافي من وقف إطلاق النار
إيجاد حالة أمر واقع على الأرض بوجود قوتين في الدولة الليبية القوة التي تسيطر على المناطق الشرقية وقوة القذافي التي تسيطر على المناطق الغربية.. ومع طول وقت حالة وقف إطلاق النار الذي ستفرضه طبيعة عملية الحل السياسي التي ستأخذ وقت غير قصير, وما يتبعه ذلك من رجوع الحياة الى طبيعتها المدنية.. فلربما بعد ذلك سنجد أنفسنا في يوم من الأيام أمام واقع مشروع التقسيم للبلاد .
وأما عن المحور الثاني وهو توفير(( مجالات إنسانية آمنة)).. فهو كذلك يخدم نظام القذافي بالدرجة الاولى!.. فمما لاشك فيه أن الحالة في طرابلس وصلت درجة الغليان الذي يسبق الانفجار بسبب نقص المواد الغذاء التي توشك على النفاذ وكذلك الوقود.. وإذا حدث أن بدأت الانتفاضة من جديد في طرابلس فإنها ستكون بداية النهاية للنظام فعلاً.
وأما عن محور (عملية انتقال ديموقراطي واسعة)!.. فيقال فيه ما قلناه من قبل, أن الشعب الليبي لا يقبل ولا يطيق ابداً ان يرى القذافي أو احد ابنائه في ليبيا, فكيف إذا وجد نفسه يقبل بجلوس سيف مثلا مع ممثلي ثورة الشعب على طاولة البحث في عملية انتقال ديموقراطي واسعة؟!.. المستفيذ من هذا هو نظام القذافي الذي سيستطيع من خلال هذه المبادرة أن يلتف على مطالب الشعب الليبي يوم رفعها في تظاهراته التي دفع فيها ثمناً باهضاً من دماء وأشلاء وقهر وعذاب ومعاناة ومآسي.. الشعب الليبي لن ينسى أن القذافي وأولاده والدائرة المقربة منه هم مجرمي حرب وبالتالي لن يتصور ابداً أن يقبل بواحد منهم في أي عملية سياسية مقبلة. وبالتالي يصبح العنصر الاخير من المبادرة ( أجراء انتخابات حرة) هراء وعبث لو أن القذافي أو احد افراد اسرته او نظامه استمر حتى وصل مرحلة الدخول في الانتخابات الحرة التي لن تكون إلا في ليبيا الخالية من القذافي واسرته.
الكلمة الاخيرة في هذا الموضوع هي أن إرادة الشعب الليبي هي المعول عليه أولاً واخيراً.. ورأينا كيف أن إرادة الشعب فقط هي التي أخرجت زين العابدين واسرته من تونس ومبارك واسرته من مصر . والشعب الليبي الذي خرج في تظاهرات سلمية ليعبر عن إرادته في كل المدن, وقُوبل بالقمع بالقوة وبتكميم الافواه.. هذا الشعب لن يترك فرصة واحدة في المستقبل بأن يخرج من جديد عندما يرتفع عنه قهر سلطة القذافي ويطالب وبقوة اكثر هذه المرة برحيل القذافي من ليبيا هو وأولاده
واعوانه الذين تلطخت ايديهم بدماء الليبيين . فعلى القذافي ومن معه أن يفهموا أنه مهما حاولوا في التمادي, فلن يحققوا ما ارادوه ولا أمل لهم فيه, وعليهم أن يختصروا الطريق بأن يرحلوا اليوم قبل الغد.
مأمل وعلى ممثلي الشعب الليبي الان أن يدركوا هذا, ولا يكون هناك تفاوض او حوار يتجاوز نزولاً الحد الذي وضعته إرادة الشعب الليبي.
عبد الحكيم محمد – رجل قانون ليبي
ما الحل؟؟
ردحذفوصلتني رسائل من إخوة وإخوات بعد إطلاعهم على مقالي: الحرب والحلول السياسية في الازمةالليبية.. مسجلين إعجابهم بما جاء في المقال .. وتساءلوا
عن الحل من وجهة نظري.. وانا هنا أقول لهم أن الحل من وجهة نظري يمكن بسهولة استنباطه منالمقال ذاته وهو:
أن يستمر الثوار والشعب الليبي في المقاومةطالما عندهم هذه الروح المعنوية العالية وهي أهم عنصر في القتال.. و لأن الزمن في صالحهم وليس في صالح القذافي.. ولكن استمرارهم لتحقيق نصر يتطلب الآتي :
في الجانب العسكري: الحرب لم تصل الى طريق مسدود كما يدعي حلف النيتو وبالتالي:
- يجب الضغط على حلف النيتو اكثر حتى يستمر في تدمير قوات القذافي الثقلية ليحقق الثوارانتصارات على الارض كما شاهدنا ذلك في اجذابيا ومواقع اخرى.
- يجب تسليح الثوارباسلحة واهمها أسلحة لمواجهة
الدبابات والدروع.
- أن تقوم احد المدن المحاصرة بالانتفاض من جديد او قيام اعمال مسلحة فيها ..والتي ستكون طرابلس على الاغلب هي المرشحة لهذا قريبا وربما ترهونةً.
- يرى الدكتور عزمي بشارة أن الثوار يمكن أن يكسبوا المعركة لو أنهم ثبتوا على مبدأ الحسم
العسكري واعتمدوا على أنفسهم, وسعوا على الحصول على السلاح الذي هو متوفر في العالم عند تجار السلاح بدون قيود او شروط .
- الاهتمام بتدريب الشباب في الشرق وزيادةاعدادهم.
- يجب أن يكون هناك حصار جدي لمنع القذافي من استعمال الحدود الغربية والجنوبية للحصول على قوات واسلحة إضافية ودعم لوجستي. وينطبق ذلك على الدول التي تساعدالقذافي مثل بلوروسيا والجزائر واليونان وربما اسرائيل.
اعتماد المجلس لأستراتيجية حرب نفسية ضد النظام والسعي للعمل على أساسها وأن تساهم فيها كل المدن بكل الامكانيات المتاحة. أضافة للجهد الاعلامي والدعائي في هذا الشأن.
في الجانب السياسي:
- المزيد من التنظيم والتطوير لأعمال المجلس الانتقالي ومؤسساته. والمزيد من العمل على
تحقيق المجلس الانتقالي لانتصارات سياسية(كالاعتراف وإقامة علاقات).
- الثبات على المبادئ التي قامت عليها الثورة,وأهمها رحيل القذافي واسرته. ورفض أي مبادرة لا تشتمل على الشرط.
- قيام المجلس بجهد سياسي خارجي وإعلامي اكبر.
- استمرار التظاهرات المؤيدة للثوار والتي تنادي بمطالب الثورة. وفي المقابل التظاهرات التي تستنكر الاعمال والمواقف التي تصب في مصلحة القذافي والتي تضر بالثورة بطريق مباشر او غير
مباشر.
عبد الحكيم محمد
وأنا أوافقك تماما ياأخى عبد الحكيم على هذا الكلام المنطقى والذى يتضمن الحلول المناسبة جدا لفك الحصار على المدن المحاصرة كالضغط على الحلف النيتو والحلول السياسية التى ذكرتها بشأن الإعتراف بالمجلس الإنتقالى
ردحذفوارجو ان تنفذ هذه الحلول فورا لكى يتمكنوا الثوار من التقدم الى العاصمة وفك حصارها من كتائب القذافى الظالمة
وارجو من كل قلبي ان ينتصروا الثوار على الطاغية القذافى بأسرع وقت
وأشكرك كثيرا على هذا الكلام القيم