بعد غربة دامت ثلاثة عقود، كان لابد لى من زيارة للوطن، وأراه حر وشعبه حر. فبرغم زيارت قمت بها منذ تسعينات القرن الماضى كانت آخرها عام 2000.. إلاّ أنها كانت أشبه بزيارات لعزيز محبوس مظلوم.. يقبع فى سجون سفاح؛ حيث القمع فيه مباح.. والكذب مباح.. وحيث الفساد والزور مباح؛ فكلّ ما تتمنّاه، كان محرّماً.. وكلّ ما تخشاه، كان مباح. فلا تأمن فى دار.. ولا تأمّن جار.
هكذا قرّرت على أن أرى بأم عينى.. ما لم أكن أتخيّله وفق أغلى ما عندى من أمانى؛ وحتى أرى بأمّ عينى أنّ شعب بلادى.. هو نفسه ذلك الشعب المقدام الذى حدثنى عنه والدى وأعمامى وأخوالى وأجدادى.. وبأنّ ليبيا لا تلد سوى الفرسان.. ولا تنجب سوى الحرائر والاحرار.
حدثونا كثيراً عن ذلك ونحن صبياناً صغار.. وكيف قاوم آبائنا وأجدادنا بجسارة ضد جحافل الفاشية الغازية.. حتى خيّل لنا أنهم جعلوا منها أساطيرمُبالغ فيها.